عن ابن جريج قال: ولقد أخبرني عكرمة بن خالد أن أسيد بن حضير الأنصاري - ثم أحد بني حارثة - أخبره: «أنه كان عاملا على اليمامة، وأن مروان كتب إليه أن معاوية كتب إليه أن أيما رجل سرق منه فهو أحق بها حيث وجدها، ثم كتب بذلك مروان إلي وكتبت إلى مروان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بأنه» إذا كان الذي ابتاعها «يعني السرقة» من الذي سرقها غير متهم يخير سيدها، فإن شاء أخذ الذي سرق منه بثمنها وإن شاء اتبع سارقه». ثم قضى بذلك أبو بكر وعمر وعثمان. فبعث مروان بكتابي إلى معاوية وكتب معاوية إلى مروان: إنك لست أنت ولا أسيد تقضيان علي، ولكني أقضي فيما وليت عليكما، فانفذ لما أمرتك به، فبعث مروان بكتاب معاوية، فقلت: لا أقضي به ما وليت بما قال معاوية».
[ذكر الإمام من فوائد الحديث]: أن القاضي لا يجب عليه في القضاء أن يتبنى رأى الخليفة إذا ظهر له أنه مخالف للسنة، ألا ترى إلى أسيد بن ظهير كيف امتنع عن الحكم بما أمر به معاوية وقال: «لا أقضي ما وليت بما قال معاوية». ففيه رد صريح على من يذهب اليوم من الأحزاب الإسلامية إلى وجوب طاعة الخليفة الصالح فيما تبناه من أحكام ولو خالف النص في وجهة نظر المأمور وزعمهم أن العمل جرى على ذلك من المسلمين الأولين وهو زعم باطل لا سبيل لهم إلى إثباته،
كيف وهو منقوض بعشرات النصوص هذا واحد منها، ومنها مخالفة علي رضي الله عنه في متعة الحج لعثمان بن عفان في خلافته، فلم يطعه، بل خالفه مخالفة صريحة كما في «صحيح مسلم» «4/ 46» عن سعيد بن المسيب قال: «اجتمع علي وعثمان رضي الله عنهما بعسفان، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة، فقال علي: ما تريد إلى أمر فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنهى عنه؟ ! فقال عثمان: دعنا منك! فقال: إني لا