[قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: «إذا ملك الرجل المرأة لم تجز عطيتها إلا بإذنه».
[قال الإمام]: واعلم أن هذا الحديث قد عمل به قوم من السلف كما حكاه الطحاوي في «شرح المعاني» «2/ 403» ورواه ابن حزم في «المحلى» «8/ 310 - 311» عن أنس بن مالك وأبي هريرة وطاووس والحسن ومجاهد، قال: «وهو قول الليث بن سعد، فلم يجز لذات الزوج عتقا، ولا حكما في صداقها، ولا غيره إلا بإذن زوجها، إلا الشيء اليسير الذي لابد لها منه في صلة رحم، أو ما يتقرب به إلى الله عز وجل».
ثم ذكر أقوال العلماء الآخرين مع مناقشة أدلتهم، واختار هو جواز تصرف المرأة في مالها دون إذن زوجها. وساق في تأييد ذلك بعض الأحاديث الصحيحة كحديث ابن عباس الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر النساء في خطبة العيد بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي الخاتم والخرص والشيء. ولا حجة في شيء من ذلك، لأنها وقائع أعيان يحتمل كل منها وجها لا يتعارض مع حديث الترجمة، وما في معناه عند إمعان النظر، فتأمل معي إلى حديث ابن عباس هذا مثلا، فإن فيه التصريح بأن تصدقهن كان تنفيذا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلو فرض أنهن لم يكن مأذونا لهن بالتصدق من أزواجهن، بل فرض نهيهم إياهن عن الصدقة، ثم أمرهم - صلى الله عليه وسلم - بها، فهل من قائل بأن نهيهم مقدم على أمره - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه لا نهي منهم، كل ما في الأمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى النساء أن يتصدقن بغير إذن أزواجهن، فإذا أمرهن بالتصدق في مناسبة ما، فلا شك حينئذ أن هذا الأمر يكون مخصصا لنهيهم، هذا لو فرض تقدمه على الأمر ولا دليل على ذلك. والحقيقة أن ابن حزم معذور فيما ذهب إليه لأنه هو الأصل الذي تدل عليه النصوص التي ذكرها، ولو أن حديث الترجمة وما في معناه صح عنده لبادر إلى العمل بها لأنها تضمنت زيادة حكم على الأصل المشار إليه. ولكنه رحمه الله أعل الحديث بأنه صحيفة منقطعة.
وهذا خلاف ما عليه جماهير علماء الحديث، وفي مقدمتهم الإمام أحمد من الاحتجاج بصحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأنه موصول، وأما جوابه عنه بأنه لو صح منسوخ فقد عرفت