المسلمين حلق اللحية، فإذا أرادوا إصلاحاً أعني هذه الجماعات السياسية، فليقدموا طلباتهم إلى هذه الدولة، قد يستجيبون لبعضها، وقد يمتنعون عن الكثير منها، أما أن يقال يجوز الدخول فيها والتنازل عن بعض الأحكام الشرعية، لعل وعسى يكون فيه منفعة للدولة المسلمة من هذا الشخص، وهذا أيضاً جهل بالإسلام.
ومن كان فقيهاً فليعلم أن الإسلام لا يجيز ارتكاب محرم سلفاً، خشية أن يقع في محرم أكبر، مثلاً:
إنسان خرج مسافراً، وهو يخشى أن يتعرض للموت جوعاً، وجد ميتة لكنه لما وجدها لا يجوز له أن يأكلها؛ لأنه لا يخشى موتاً، فيأكلها سلفاً ويقول: الضرورات تبيح المحظورات، وهو لم يقع في الضرورة بعد، كذلك بعض الشباب عندنا في سوريا وفي الأردن، كانوا إذا أرادوا أن ينتقلوا من مكان إلى مكان حلقوا لحاهم، فعندما تسألهم عن السبب يقول: أخشى أن يلقى علي القبض.
حسناً، وقد لا يلقى عليك القبض، فإذاً: لم استحللت معصية الله عز وجل بلعل، وهذه قاعدة لا يلتزمها هؤلاء الجماعات؛ لأني قلت أنهم لا أعتقد أن فيهم عالم درس العلم حياته، درس الحياة الاجتماعية، وعرف ما يجوز لها وما لا يجوز، ثم نصب نفسه أو نصب عليهم أميراً، فهو الآن يبيح لهم ما كان من قبل حراماً، ومن المشاكل التي أشار إليها بعض علماء السلف أن يمسي الإنسان على رأي ثم يصبح على رأي آخر؛ لأنه يتأثر بالتيارات والموجات التي تأخذه يميناً ويساراً؛ ولذلك فعلينا أن نثبت على ما علمنا من شريعة الله عز وجل، ولا يضطرنا ما نراه من الانحرافات لكي ننحرف نحن مع المنحرفين، باسم تحقيق مصلحة؛ فإن المصلحة لا تتحقق بطريق ارتكاب المفاسد، والله سبحانه وتعالى هو المرجو أن يلهم المسلمين جميعاً أن يكونوا وقافين عند كتاب الله وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن لا يتأثروا [بالشبهات] الفكرية التي تأخذ بهم يميناً ويساراً، ولو كانت عليها لافتات إسلامية.
(الهدى والنور /401/ 47: 52: 00)
(الهدى والنور /402/ 37: 03: 00)