لذلك يتوهم كثير من التجار الذين يظنون أنفسهم أنهم من عباد الله الصالحين .. يظنون أنهم حينما يودعون أموالهم في البنوك ولا يأخذون الربا، أنهم أحسنوا بذلك صنعاً؟ كلا ثم كلا، لقد أساؤوا بذلك صنعاً، لماذا؟ لأنهم أعانوا البنك على أن يأكل الربا، والرسول عليه السلام كما سمعتم يقول: «لعن الله آكل الربا وموكله» أي: مطعمه لغيره، فهذا التاجر أو هؤلاء التجار الذين يودعون أموالهم في البنوك، ولو كانوا صادقين في قولهم إنهم لا يأخذون الربا، حسبهم إثماً أنهم يُؤَكِّلون الربا أولئك الذين يعملون في البنك.
ومعنى هذا الكلام أيضاً: أنه لا يجوز للمسلم أن يكون موظفاً في البنك ولو كان القمام أو الكنَّاس أو الزَّبال، مفهوم هذا الكلام؟
مداخلة: والحارس.
الشيخ: أنا أتيت بها مهينة .. أتيت أقل موظف، أما الحارس هذا ما شاء الله!
فلذلك أيَّ موظف في البنك من الرئيس .. من المدير .. إلى الكناس، يشملهم هذا النص القرآن ثم الحديث النبوي: {وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] .. «لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه» طبعاً يوجد في البنك أنواع من التعاون، ليست هذه الأنواع بالمحصورة بالكاتب والشاهد، يمكن الآن ليس هناك حاجة للشهود أبداً؛ لأن الجماعة نَظَّموا أمورهم على القانون الغربي، الذي لا يُحَرِّم ولا يُحَلّل كما قال الله عز وجل في القرآن الكريم: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
البحث في هذا طويل جداً، وهناك أنواع من الأحاديث رهيبة جداً، كلها تلتقي على نقطة هامة جداً، وهي أنه لا يجوز للمسلم أن يكون عوناً لغيره على ارتكاب منكر.
وبهذا القدر كفاية.
(الهدى والنور /733/ 12: 28: 00)