الرابع: قوله - صلى الله عليه وسلم -: لما سألوه عن الفسخ الذي أمرهم به: «ألعامنا هذا أم لأبد الأبد؟ » فشبك - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في أخرى وقال: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة لا بل لأبد أبد لا بل لأبد أبد». كما يأتي في الفقرة «24».

فهذا نص صريح على أن العمرة أصبحت جزءا من الحج لا يتجزأ وأن هذا الحكم ليس خاصا بالصحابة كما يظن البعض بل هو مستمر إلى الأبد. (?).

خامسا: أن الأمر لو لم يكن للوجوب لكفى أن ينفذه بعض الصحابة فكيف وقد رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكتفي بأمر الناس بالفسخ أمرا عاما، فهو تارة يأمر بذلك ابنته فاطمة رضي الله عنها كما يأتي «فقرة 48»، وتارة يأمر به أزواجه كما في «الصحيحين» عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع، قالت حفصة: فقلت: ما يمنعك أن تحل؟ قال: «إني لبدت رأسي ... » الحديث. ولما جاء أبو موسى من اليمن حاجا قال له - صلى الله عليه وسلم -: «بم أهللت»؟ قال: أهللت بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: هل سقت من الهدي؟ قال: لا. قال: «فطف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل ... » الحديث.

فهل هذا الحرص الشديد من النبي - صلى الله عليه وسلم - على تبليغ أمره بالفسخ إلى كل مكلف لا يدل على الوجوب؟ اللهم إن الوجوب ليثبت بأدنى من هذا. ولوضوح هذه الأدلة الدالة على وجوب الفسخ بله التمتع لم يسع المخالفين لها إلا التسليم بدلالتها، ثم اختلفوا في الإجابة عنها فبعضهم ادعى خصوصية ذلك بالصحابة وقد عرفت بطلان ذلك مما سبق.

وبعضهم ادعى نسخه ولكنهم لم يستطيعوا أن يذكروا ولو دليلا واحدا يحسن ذكره والرد عليه اللهم إلا نهي عمر رضي الله عنهـ وكذا عثمان وابن الزبير كما في «الصحيحين» وغيرهما.

والجواب من وجوه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015