لا يدار أي لا يتاجر به وإن كان شيئا من ذلك يدار ففيه الصدقة في ثمنه حين يباع».
أخرجه عبد الرزاق 4/ 84 / 7061 وابن أبي شيبة 3/ 144 وسنده صحيح جدا.
والشاهد منه قوله: «ففيه الصدقة في ثمنه حين يباع».
فإنه لم يذكر تقويما ولا نصابا ولا حولا ففيه إبطال لادعاء البغوي في «شرح السنة» 6/ 53 الإجماع على وجوب الزكاة في قيمة عروض التجارة إذا كانت نصابا عند تمام الحول كما زعم أنه لم يخالف في ذلك إلا داود الظاهري!
وإن مما يبطل هذا الزعم أن أبا عبيد رحمه الله قد حكى في كتابه «الأموال» 427/ 1193 عن بعض الفقهاء أنه لا زكاة في أموال التجارة. ومن المستبعد جدا أن يكون عنى بهذا البعض داود نفسه لأن عمره كان عند وفاة الأمام أبي عبيد أربعا وعشرين سنة أو أقل ومن كان في هذا السن يبعد عادة أن يكون له شهرة علمية بحيث يحكي مثل الإمام أبي عبيد خلافه وقد توفي سنة 224 وولد داود سنة 200 أو 202 فتأمل.
ولعل أبا عبيد أراد بذاك البعض عطاء بن أبي رباح فقد قال إبراهيم الصائغ:
«سئل عطاء: تاجر له مال كثير في أصناف شتى حضر زكاته أعليه أن يقوم متاعه على نحو ما يعلم أنه ثمنه فيخرج زكاته؟ قال: لا ولكن ما كان من ذهب أو فضة أخرج منه زكاته وما كان من بيع أخرج منه إذا باعه».
أخرجه ابن زنجويه في كتابه «الأموال» 3/ 946 / 1703 بسند حسن كما قال المعلق عليه الدكتور شاكر ذيب فياض وهو شاهد قوي لرواية ابن جريج المتقدمة.
وجملة القول أن المسألة لا يصح ادعاء الإجماع فيها لهذه الآثار وغيرها مما ذكره ابن حزم في «المحلى» الأمر الذي يذكرنا بقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
«من ادعى الإجماع فهو كاذب وما يدريه لعلهم اختلفوا».
وصدق - جزاه الله خيرا - فكم من مسالة ادعي فيها الإجماع ثم تبين أنها من مسائل الخلاف وقد ذكرنا أمثلة منها في بعض مؤلفاتنا مثل «أحكام الجنائز» و