بصيام بقية يومه، فإن صوم التطوع لا يتصور فيه إمساك بعد الفطر كما قال ابن القيم رحمه الله في «تهذيب السنن» «3/ 327». وهناك أحاديث أخرى تؤكد أنه كان فرضا، وأنه لما فرض صيام شهر رمضان كان هو الفريضة كما في حديث عائشة عند الشيخين وغيرهما، وهو مخرج في «صحيح أبي داود» برقم «2110».
السلسلة الصحيحة (6/ 1/ 251).
عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتَ هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ، وَأَصْبِحْ يَوْمَ التَّاسِعِ صَائِمًا»، قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُهُ قَالَ: «نَعَمْ».
[قال الإمام]: ظاهره أن يوم عاشوراء هو التاسع وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صام التاسع وكلاهما غير مراد، بدليل الأحاديث الأخرى، بعضها عن ابن عباس نفسه قال: «حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه مسلم، وهو من الأحاديث التي تركها المصنف ولم يوردها في هذا المختصر، فهذا صريح في أن عاشوراء ليس هو التاسع، وأنه - صلى الله عليه وسلم - مات ولم يصمه، ولذلك فلا بد من تأويل حديث الباب، وأحسن ما رأيت فيه قول البيهقي في السنن «4/ 287»: وكأنه رضي الله عنه أراد صومه مع العاشر، وأراد بقوله: في الجواب «نعم» ما روى عن عزمه - صلى الله عليه وسلم - على صومه. والذي يبين هذا، ثم ذكر بسنده الصحيح عن ابن عباس قال: «صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود».
[التعليق على مختصر صحيح مسلم ص 163]