«ولذلك لما هاجر - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة لم يمكث فيها إلا قليلا من الأيام حتى بنى مسجده الشريف كما قال أنس رضي الله عنه: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عوف فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ثم أمر ببناء المسجد فارسل إلى ملأ من بني النجار فقال: يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله قال: فكان فيه قبور المشركين وخرب ونخل فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبور المشركين فنبشت ثم بالخرب فسويت وبالنخل فقطع فصفوا النخل قبلة المسجد وجعل عضادتيه الحجارة وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون والنبي - صلى الله عليه وسلم - معهم وهو يقول [وهو ينقل اللبن:
هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر]
اللهم لا خير إلا خير الآخرة ... فاغفر للأنصارالمهاجرة.
وفي رواية:
اللهم إن الأجر أجر الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة».
الحديث أوردناه مختصرا فإن فيه بعد قوله: أربع عشرة ليلة:
«ثم أرسل إلى بني النجار فجاؤوا متقلدي السيوف كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وأبو بكر ردفه وملأ بني النجار حوله حتى أتى بفناء أبي أيوب وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة ويصلي في مرابض الغنم وأنه أمر ... إلخ.
أخرجه البخاري ومسلم.
[الثمر المستطاب (1/ 447)].
«وفي بناء [المساجد] فضل عظيم وأجر كبير قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ