طفرة ولا تقوم إلا بهم. ومن المتقرر في الأصول: أن ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب. فهذا يؤكد الاعتراف بضرورة وجود هذه الجماعة لأنها على السنة وغايتها تحقيق الجماعة بأوسع معانيها بخلاف تلك الجماعات الأخرى. وقد يقول قائل: قد يستجيب لهذه الجماعة كثير من المخلصين بعد أن تبينت لهم السنة ولكن من المفروض أنه سيبقى ناس كثيرون مصرين على التفرق في المساجد خلافا للسنة ولجميع المذاهب وبهذا لا تحقق الجماعة الواحدة المنشودة.
أقول: الحق أن هذا قد يحدث ولكن من الواضح حينئذ أن المسؤولية لا تقع على الذين أحيوا هذه السنة ودعوا الناس إليها وإنما على الذين أصروا على مخالفتها فالإنكار إنما ينصب عليهم.
وأما الطائفة الأولى فجماعتهم هي المشروعة لأنها على السنة التي كان عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في صفة الفرقة الناجية: وهي الجماعة وفي رواية: «هي ما أنا عليه وأصحابي» (?). فلا يضرهم حينئذ مخالفة من خالفهم وان كانوا أكثر منهم سوادا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» (?).
فالمؤمن لا يستوحش من قلة السالكين على طريق الهدى ولا يضره كثرة المخالفين.
قال الإمام الشاطبي في «الاعتصام» 01/ 11 - 12: وهذه سنة الله في الخلق: أن أهل الحق في جنب أهل الباطل قليل لقوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}. وقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}، ولينجز الله ما وعد به نبيه - صلى الله عليه وسلم - من عود وصف الغربة إليه (?) فإن الغربة لا تكون إلا مع فقد الأهل أو قلتهم وذلك