قال إسحاق بن منصور المروزي في «مسائله عن الإمام أحمد» «ص 219»: «ذكرت له قول علي: «لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع»؟ قال: الأعمش لم يسمعه من سعد». قلت: سعد هذا هو ابن عبيدة، وقد أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» «1/ 204 / 1»: «أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال: فذكره. ورواه علي بن الجعد الجوهري في «حديثه» «12/ 178 / 1» من طريق أبي جعفر الرازي عن الأعمش به، وأعله أحمد بالانقطاع بين الأعمش وسعد بن عبيدة. قلت: لكن لم يتفرد به الأعمش، بل تابعه طلحة وهو ابن مصرف عند ابن أبي شيبة، وزبيد اليامي عند الطحاوي في «مشكل الآثار» «2/ 54» والبيهقي أيضا في «السنن» «3/ 179» كلاهما عن سعد بن عبيدة به. وسعد بن عبيدة ثقة من رجال الستة، ومثله أبو عبد الرحمن السلمي فالسند صحيح موقوفا، وصححه ابن حزم في «المحلى» «5/ 53» وهو مقتضى كلام أبي جعفر الطحاوي، ولكنه قال: «لم يقله علي رضي الله عنه رأيا، إذ كان مثله لا يقال بالرأي، وإنما قاله بتوقيف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كذا قال، وفيه نظر واضح، فإن القلب يشهد أن ذلك يقال بالرأي والاجتهاد، ولذلك ظلت المسألة من موارد النزاع، وقد صح خلافه عن عمر بن الخطاب أفيقال: إنه توقيف أيضا مع أنه هو الصواب؟ ! فروى ابن أبي شيبة في باب من كان يرى الجمعة في القرى وغيرها، من طريق أبي رافع عن أبي هريرة أنهم كتبوا إلى عمر يسألونه عن الجمعة، فكتب: «جمعوا حيثما كنتم».
قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وأبو رافع هذا اسمه نفيع بن رافع الصائغ المدني، واحتج بهذا الأثر الإمام أحمد على تضعيف أثر علي وزاد: «وأول جمعة جمعت بالمدينة، جمع بهم مصعب بن عمير، فذبح لهم شاة، فكفتهم، وكانوا أربعين، وليس ثم أحكام تجري». قال إسحاق المروزي: «قلت له: أليس ترى في قرى مرو لو جمعوا؟ قال: نعم». ثم روى ابن أبي شيبة «1/ 204 / 2» بسند صحيح عن مالك قال: «كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في هذه المياه بين مكة والمدينة يجمعون». وروى البخاري «2/ 316 بشرح الفتح» وأبو داود «1068» وغيرهما