[قال الإمام]: منذ ساعات سُئِلت عن قراءة القرآن من المصحف في الصلاة، لا يتبادر إلى الذهن أن فيها شيء، فهو يقرأ من القرآن أكثر مما يستحضره من الذهن، وأعلم أنا في هذه الدار أو هذه الديار أنهم في رمضان يكثرون من هذا العمل، تجد الإمام ماسك المصحف لماذا؟ لأنه لا يحفظ، وأنه لو كان ممن أوتي حفظاً، لاستغني عن ترك المصحف، قَلَّ من يتذكر ويتدبر عاقبة هذا العمل.
عاقبة هذا العمل خلاف ما رمى إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحديثه الصحيح المشهور: «اقرؤوا هذا القرآن وتعاهدوا به، وتغنوا به، فوالذي نفس محمد بيده إنه أشد تفلتًا من صدور الرجال من الإبل من عُقُلها».
وفي هذا الحديث أمر بتعاهد القرآن، أي: العناية بتكراره، حتى يَرْسَخ في الصدر؛ لأن الرسول عليه السلام يؤكد أن هذا القرآن أشد تَفَلُّتاً من صدور الرجل من الإبل من عُقُلِها.
في الفقه الإسلامي شيء اسمه باب سد الذرائع، وهذه قاعدة أصولية هامة جداً، ينفذ منها الإنسان إلى معرفة كثير من أحكام ليس عليها نص صريح في السنة أو في القرآن، مثل هذه مثلاً، إيش فيها إذا فتح المصحف وقرأ، والرسول يقول: «من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول الم حرف، بل ألف وحرف ولام حرف وميم حرف».
إذاً: يستطيع يقرأ من المصحف مباشرة أكثر مما يستطيع يقرأ من حافظته، لكن أيضاً تعود لنا القاعدة السالفة الذكر: «إنما الأعمال بالخواتيم»، إلى أين يؤدي فتح باب القراءة من المصحف من أئمة المساجد، أن لا نجد حُفَّاظاً؛ لأن هؤلاء سيعتمدون على قراءة القرآن من المصحف مباشرة، هذا شيء.
والشيء الثاني: أن هؤلاء الأئمة الذين يقرؤون من المصحف في صلاتهم،