شيخه ابن تيمية أدق منه في التعبير في هذا الموضع؛ حيث قال في «الفتاوى» «1/ 79» في صدد هذا البحث: «ولكن يمكن أنه كان يجهر بها أحياناً، أو أنه كان يجهر بها قديماً ثم ترك ذلك؛ - قال -: فهذا محتمل».
فلم يجزم بذلك؛ بل ذكره احتمالاً، وهو أمر واسع، فالحق ما ذهب إليه الجمهور من أن السنة الإسرار بها.
ومع هذا؛ فالصواب أن ما لا يجهر به، قد يشرع الجهر به لمصلحة راجحة؛ فيشرع للإمام أحياناً لمثل تعليم المأمومين، ويسوغ للمصلين أن يجهروا بالكلمات اليسيرة أحياناً؛ كما في حديث ابن عمرو، وأنس بن مالك المتقدمين في «الاستفتاح» رقم «7 و 8»؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على الرجلين جهرهما بما استفتحا به. وكذلك جهر به عمر؛ تعليماً للناس - كما مضى هناك -.
قال شيخ الإسلام «1/ 87»: «ويسوغ أيضاً أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب، واجتماع الكلمة؛ خوفاً من التنفير عما يصلح، كما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بناء البيت على قواعد إبراهيم؛ لكون قومه كانوا حديثي عهد بالجاهلية، وخشي تنفيرهم بذلك، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم، وقال ابن مسعود - لما أكمل الصلاة خلف عثمان، وأنكر عليه التربيع، فقيل له في ذلك؟ فقال -: الخلاف شر. ولهذا نَصَّ الأئمةُ؛ كأحمد وغيره في البسملة، وفي وصل الوتر، وغير ذلك مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول؛ مراعاة ائتلافِ المأمومين، أو لتعريفهم السنة، وأمثال ذلك.
والله أعلم».
[أصل صفة الصلاة (1/ 277)]
«كان يَجْهَرُ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} في الصلاة». منكر.