- إمام سارت بتصانيفه الركبان، وملأ بتواليفه الزمان والمكان، وذلَّت له البلاغة والبيان.
- لان الحديث في يديه كما يلين الذهب في يد صائغه.
- كان الألباني رجلاً، بل أكبر من رجل، كان رحمه الله أمةً وحده، عاهد نفسه على إنجاز عملٍ عظيم لا تقوم به كتيبة من الرجال، فأنجز ولم يخلف وعده.
ثم:
رحلوا وفي القلب المُعنَّى بعدهم ... وَجْدٌ على مر الزمان مُخَيَّمُ
وبالجملة، فهو أجلّ من أن يتكلم عن مثلِهِ مثلِى، أو أن يفي حقَّه كلمي، أو أن يُعبِّر عن عظيم شأنه قلمي.
وإذا كان خير ما ينتفع به العالم من علمه أن يخلِّف يوم وداعه هذه الدنيا صفحةً يقرأ فيها الناظرون في تاريخه من بعده صورةَ نفسه، ومسرحَ آماله وأحلامه، ومواضع حركاته وسكناته؛ فقد ترك لنا الإمام الألباني تراثاً علميًّا ضخماً كالبحر الخضم الزاخر، يعب عبابه، وتصخب أمواجه.
كيف لا؟ ! وقد كان الألباني للعلوم وتوغله فيها كالشمس من المشرق متى طلعت في موضع فقد طلعت في كلِّ موضع، فإذا كتب في الحديث كان نسيج وحده، وإذا تناول هموم أمته ومشكلاتها كان فريد دهره، وإذا بحث في الفقه كان وحيد زمانه، وإذا تكلَّم في العقيدة كان شيخ إسلام عصره وأوانه.
وإنَّ مما لا يختلف فيه اثنان؛ أنه بعد مرور عَقْدٍ كاملٍ من زمانِ مغادرة العلامة الألباني لدُنيا الناس، لو التفت بعضنا إلى بعض متسائلين: ماذا قَدَّم الألباني لنا، وماذا قَدَّمنا نحن له بالمقابل؟ لكانت الإجابة حقًّا مخزية! وهل كنا نحن إلا بالألباني، وهل بدأت الأمة في صحوتها وترتيب أوراقها في العصر الحديث إلا بالألباني، وهل عرفنا الصِّحاح والسُّنن والمسانيد والأجزاء إلا بالألباني، وهل ميزنا صحيح ما يُنسب إلى ديننا من سقيمه إلا بالألباني، وهل سمعنا عن ابن مهدي وابن