كذلك هذه الضوابط يَعْلَمُها أهل العلم، أما أهل الجهل وأهل الطلب للعلم هذه المرتبة الثانية، فهؤلاء لا يمكنهم أن يعلموا هذه الحقيقة إلا إذا صاروا ممن يجب الرجوع إليهم في تحقيق قوله تبارك وتعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].

فمن كان من أهل الذكر فما أسهل عليه أن يعرف ما هي الضوابط في معرفة الأركان وتمييزها عن الواجبات؛ الواجبات التي يجب على المسلم أن يقوم بها، ويكون آثماً فيما إذا ابتلي بتركها، كذلك الأركان مثل الواجبات من حيث الإثم فيما إذا أخل بها، ولكن إثمه للإخلال بالأركان أشد بنسب كثيرة جداً، ذلك لأن الإخلال بالواجب في هيئة ما، في عبادة ما لا يبطلها، لكنه مع إتيانه بها يكون آثماً من حيث تركه لما كان واجباً فيها.

أما الركن فهو الذي يلزم من تركه ترك الهيئة نفسها، كالذي يصلي ولا يصلي، كيف يصلي ولا يصلي؟

هو مثلاً صلى وخلينا نضربها علاوية مثلما يقولون عندنا في سوريا؛ لأننا لا نزال في الشام، الحمد لله، لكن يقولون عندنا خلينا نضربها علاوية، فالذي يصلي بدون وضوء هذا صلى لكن ما صلى، لماذا؟

ضربناها عَلاوية من شان نضربها واطية، لكن هي عالية حطوا بالكم الآن، هذا صلى وما صلى؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول: «لا صلاة لمن لا وضوء له».

إذاً: هذا صلى ما توضأ، إذاً ما صلى.

فهذا النص يشبه نصوصاً كثيرة بمثلها نعرف كون الشيء ركناً أو شرطاً، وسيأتي التفريق بين الشرط والركن في اصطلاح الفقهاء.

اسمعوا تمام الحديث، وتمام الحديث هو أهم من أوله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015