تبلغ الصوت مسافات أضعاف مضاعفة؛ لأن الأذان شعيرة من شعائر الإسلام يجب أن يحافظ عليها كتقليد واتباع ما كان عليه الرسول عليه السلام وأصحابه، فبروز المؤذن بشخصه في أذانه هذه سنة وأن يكون صيتاً جهوري الصوت هذه سنة أخرى، فهذه الآلة أن رفع الصوت وهو غاية مشروعة لكن كتمان المؤذن شخصه بين جدران المسجد هذا خلاف السنة.
فالآن نزلوا من الأذان من أعلى مكان وجعلوه في المسجد هذا خلاف السنة، ثم رفعوا صوت الإقامة وسووه مع صوت الأذان، وهذا خلاف السنة.
وكذلك نبهت في بعض البلدان التي مررنا عليها وهذا موجود في كل البلاد مع الأسف على أنه من الخطأ بمكان إذاعة الصلاة الجهرية وبخاصة يوم الجمعة، فإن القرآن له آداب يجب على السامعين له أن ينتبهوا لها منها: أن يتفرغوا للاستماع والإصغاء إليه عملاً بالآية: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا} [الأعراف: 204] [فالإنسان إذا أذيعت الصلاة بمكبرات] فلا يستطيع أن يقوم بالأدب تجاه هذه التلاوة، وإما أن يستمر في عمله ولا يلتفت للقرآن ولا يصغي إليه، فمن يكون السبب في إيقاع الناس إما في حرج أو تعطيل المصالح؟ رفع الصوت في المسجد وتسميع من لا يشرع تسميعهم القرآن الكريم.
ولهذا أقول: لا بد من التفصيل في جواز استعمال مكبر الصوت في المسجد، إذا فرضنا كما لاحظنا في بعض المساجد في صلاة الفجر ما يكمل عشرة أشخاص، مع ذلك مكبر الصوت يذاع في خارج المسجد لماذا؟ هؤلاء العشرة أشخاص يسمعون صوت الإمام بالقراءة وبالصوت الطبيعي، فلا مسوغ لتشغيل مكبر الصوت؛ لأن هؤلاء يسمعون، فهو تحصيل حاصل من جهة، وتخريب من جهة أخرى لأن في هذه الإذاعة تشغيل الناس الآخرين للإصغاء ... ولذلك فينبغي أن لا نكون أتباع التقاليد [ولا نفرق بين] المصلحة المرسلة الجائزة والمصلحة المرسلة غير الجائزة، فالآن استعمال مكبر الصوت هذه وسيلة حدثت في العصر الحاضر يمكن أن تدخل في المصالح المرسلة، لكن تخالف قاعدة كأنها سنة تستعمل حيث في ذلك مصلحة،