2032 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَبُو مُوسَى، قَالَ: نا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَأَصْحَابَ الرَّأْيِ؛ أَعْيَتْهُمُ الْأَحَادِيثُ أَنْ يَعُوهَا» قَالَ أَبُو عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ: " اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرَّأْيِ الْمَقْصُودِ إِلَيْهِ بِالذَّمِّ وَالْعَيْبِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَعَنِ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الرَّأْيُ الْمَذْمُومُ هُوَ الْبِدَعُ الْمُخَالِفَةُ لِلسُّنَنِ فِي الِاعْتِقَادِ كَرَأْيِ جَهْمٍ وَسَائِرِ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَعْمَلُوا قِيَاسَهُمْ وَآرَاءَهُمْ فِي رَدِّ الْأَحَادِيثِ فَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: 103] فَرَدُّوا قَوْلَ -[1053]- رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
2033 - «إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَتَأَوَّلُوا فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] تَأْوِيلًا لَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللِّسَانِ وَلَا أَهْلُ الْأَثَرِ، وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: 11] فَرَدُّوا الْأَحَادِيثَ الْمُتَوَاتِرَةَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ وَفِتْنَتِهِ وَرَدُّوا الْأَحَادِيثَ فِي الشَّفَاعَةِ عَلَى تَوَاتُرِهَا، وَقَالُوا: لَنْ يَخْرُجَ مِنَ النَّارِ مَنْ فِيهَا، وَقَالُوا: لَا نَعْرِفُ حَوْضًا وَلَا مِيزَانًا، وَلَا نَعْقِلُ مَا هَذَا وَرَدُّوا السُّنَنَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِرَأْيِهِمْ وَقِيَاسِهِمْ إِلَى أَشْيَاءَ يُطُولُ ذِكْرُهَا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي صِفَاتِ الْبَارِي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَقَالُوا: عِلْمُ الْبَارِي مُحْدَثٌ فِي حِينِ حُدُوثِ الْمَعْلُومِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عِلْمُهُ إِلَّا عَلَى مَعْلُومٍ فِرَارًا مِنْ قِدَمِ الْعَالَمِ بِزَعْمِهِمْ، فَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ الرَّأْيَ الْمَذْمُومَ الْمَعِيبَ الْمَهْجُورَ الَّذِي لَا يَحِلُّ النَّظَرُ فِيهِ وَلَا الِاشْتِغَالُ بِهِ هُوَ الرَّأْيُ الْمُبْتَدَعُ وَشِبْهُهُ مِنْ ضُرُوبِ الْبِدَعِ "