1621 - حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ بِالْمَدِينَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغُرَيْرِيُّ، مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْجُمَحِيِّ قَالَ: -[857]- كَانَ رَبِيعَةُ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ جَالِسًا فَجَازَ ابْنُ شِهَابٍ دَاخِلًا مِنْ بَابِ دَارِ مَرْوَانَ بِحِذَاءِ الْمَقْصُورَةِ يُرِيدُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَ لَهُ رَبِيعَةُ فَلَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَا تُسَخِّرُ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ قَالَ: «وَمَا أَصْنَعُ بِالْمَسَائِلِ؟» فَقَالَ: إِذَا سُئِلْتَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَكَيْفَ تَصْنَعُ؟ فَقَالَ: " أُحَدِّثُ فِيهَا بِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَنْ أَصْحَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ أَصْحَابِهِ اجْتَهَدْتُ رَأْيِي، قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ كَذَا؟ فَقَالَ رَبِيعَةُ: طَلَبْتَ الْعِلْمَ غُلَامًا ثُمَّ سَكَنْتَ بِهِ إِدَامًا " قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ يَحْيَى: «وَإِدَامًا» ضَيْعَةٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَلَى نَحْوِ ثَمَانِ لَيَالٍ " مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الشَّامِ
1622 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: «مَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَبِقَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا اسْتَحْسَنَ فُقَهَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَسِعَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ رَأْيَهُ فِيمَا ابْتُلِيَ بِهِ وَيَقْضِيَ بِهِ وَيُمْضِيَهُ فِي صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَحَجِّهِ وَجَمِيعِ مَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ، فَإِذَا اجْتَهَدَ وَنَظَرَ وَقَاسَ عَلَى مَا أَشْبَهَ وَلَمْ يَأْلُ وَسِعَهُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ وَإِنْ أَخْطَأَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ بِهِ»
1623 - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " لَا يَقِيسُ إِلَّا مَنْ جَمَعَ آلَاتِ الْقِيَاسِ وَهَى الْعِلْمُ بِالْأَحْكَامِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَرْضِهِ وَأَدَبِهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ وإِرْشَادِهِ وَنَدْبِهِ، وَيَسْتَدِلَّ عَلَى مَا احْتَمَلَ التَّأْوِيلُ مِنْهُ بِسُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ سُنَّةٌ وَلَا إِجْمَاعٌ فَالْقِيَاسُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقِيَاسُ عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْقِيَاسُ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ السَّلَفِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ أَوْ مِنَ الْقِيَاسِ عَلَيْهَا وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقِيسَ حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِمَا مَضَى قَبْلَهُ مِنَ السُّنَنِ، وَأَقَاوِيلِ السَّلَفِ وَإِجْمَاعِ النَّاسِ وَاخْتِلَافِهِمْ وَلِسَانِ الْعَرَبِ -[858]- وَيَكُونُ صَحِيحَ الْعَقْلِ حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمُشْتَبِهِ، وَلَا يُعَجِّلَ بِالْقَوْلِ وَلَا يَمْتَنِعَ مِنَ الِاسْتِمَاعِ مِمَّنْ خَالَفَهُ لَأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى غَفْلَةٍ رُبَّمَا كَانَتْ مِنْهُ أَوْ تَنْبِيهًا عَلَى فَضْلِ مَا اعْتَقَدَ مِنَ الصَّوَابِ وَعَلَيْهِ بُلُوغُ عَامَّةِ جَهْدِهِ، وَالْإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مِنْ أَيْنَ قَالَ مَا يَقُولُهُ، قَالَ: فَإِذَا قَاسَ مَنْ لَهُ الْقِيَاسُ وَاخْتَلَفُوا وَسِعَ كُلَّا أَنْ يَقُولَ بِمَبْلَغِ اجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ اتِّبَاعُ غَيْرِهِ فِيمَا أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، وَالِاخْتِلَافُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَمَا كَانَ مَنْصُوصًا لَمْ يَحِلَّ فِيهِ الِاخْتِلَافُ، وَمَا كَانَ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ أَوْ يُدْرَكُ قِيَاسًا فَذَهَبَ الْمُتَأَوِّلُ أَوِ الْقَايِسُ إِلَى مَعْنًى يُحْتَمَلُ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ لَمْ أَقُلْ: إِنَّهُ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ ضِيقَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَنْصُوصِ " وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: " قَدْ أَتَى الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَشِفَاءٌ وَهَذَا بَابٌ يَتَّسِعُ فِيهِ الْقَوْلُ جِدًّا وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهُ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَالْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ عِنْدَ عَدَمِهَا مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَسَتَرَى مِنْهُ مَا يَكْفِي فِي كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَمِمَّنْ حُفِظَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَأَفْتَى مُجْتَهِدًا رَأْيَهُ وَقَايِسًا عَلَى الْأُصُولِ فِيمَا لَمْ يَجِدْ فِيهِ نَصًّا مِنَ التَّابِعِينَ فَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَارِجَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَابْنُ شِهَابٍ، وَأَبُو الزِّنَادِ، وَرَبِيعَةُ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُهُ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَمِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَطَاوُسٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَمَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وَمُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، وَالشَّافِعِيُّ وَمِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ -[859]- عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَعُبَيْدَةُ وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَمَسْرُوقٌ ثُمَّ الشَّعْبِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَسَائِرُ فُقَهَاءِ الْكُوفِيِّينَ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الْحَسَنُ، وَابْنُ سِيرِينَ وَقَدْ جَاءَ عَنْهُمَا، وَعَنِ الشَّعْبِيِّ ذَمُّ الْقِيَاسِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا قِيَاسٌ عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ لِئَلَّا يَتَنَاقَضَ مَا جَاءَ عَنْهُمْ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ، وَإِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، وَسَوَّارٌ الْقَاضِي، وَمِنْ أَهْلِ الشَّامِ مَكْحُولٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ جَابِرٍ، وَمِنْ أَهْلِ مِصْرَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ثُمَّ سَائِرُ أَصْحَابِ مَالِكٍ: ابْنُ الْقَاسِمِ، وَأَشْهَبُ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: الْمُزَنِيُّ وَالْبُوَيْطِيُّ، وَحَرْمَلَةُ وَالرَّبِيعُ، وَمِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ جَاءَ عَنْهُ مَنْصُوصًا إِبَاحَةُ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ عَلَى الْأُصُولِ فِي النَّازِلَةِ تَنْزِلُ، وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عِنْدَمَا يَنْزِلُ بِهِمْ وَلَمْ يَزَالُوا عَلَى إِجَازَةِ الْقِيَاسِ حَتَّى حَدَّثَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَيَّارٍ النَّظَّامُ وَقَوْمٌ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ سَلَكُوا طَرِيقَهُ فِي نَفْيِ الْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ فِي الْأَحْكَامِ وَخَالَفُوا مَا مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ، وَمِمَّنْ تَابَعَ النَّظَّامَ عَلَى ذَلِكَ جَعْفَرُ بْنُ حَرْبٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُبَشِّرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْإِسْكَافِيُّ، وَهَؤُلَاءِ مُعْتَزِلَةٌ أَئِمَّةٌ فِي الِاعْتِزَالِ عِنْدَ مُنْتَحِلِيهِ -[860]- وَتَابَعَهُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى نَفْيِ الْقِيَاسِ فِي الْأَحْكَامِ دَاوُدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الْأَصْبَهَانِيُّ وَلَكِنَّهُ أَثْبَتَ بِزَعْمِهِ الدَّلِيلَ وَهُوَ نَوْعٌ وَاحِدٌ مِنَ الْقِيَاسِ سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَدَاوُدُ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِلْجَمَاعَةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْحُكْمِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ،
1624 - وَذَكَرَ أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِي كِتَابِ الْقِيَاسِ مِنْ كُتُبِهِ فِي الْأُصُولِ، فَقَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَلَا غَيْرِهِمْ مِمَّنْ لَهُ نَبَاهَةٌ سَبَقَ إِبْرَاهِيمَ النَّظَّامَ إِلَى الْقَوْلِ بِنَفْيِ الْقِيَاسِ وَالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو الْهُذَيْلِ وَقَمَعَهُ فِيهِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، قَالَ: وَكَانَ بِشْرُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ شَيْخُ الْبَغْدَادِيِّينَ وَرَئِيسُهُمْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ نُصْرَةً لِلْقِيَاسِ وَاجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي الْأَحْكَامِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَكَانَ هُوَ وَأَبُو الْهُذَيْلِ كَأَ نَّهُمَا يَنْطِقَانِ فِي ذَلِكَ بِلِسَانٍ وَاحِدٍ " قَالَ أَبُو عُمَرَ: «بِشْرُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ وَأَبُو الْهُذَيْلِ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَهْلِ الْكَلَامِ وَأَمَّا بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَرِّيسِيُّ فَمِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُغْرِقِينَ فِي الْقِيَاسِ النَّاصِرِينَ لَهُ الدَّائِنِينَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ مُبْتَدِعٌ أَيْضًا قَائِلٌ بِالْمَخْلُوقِ، وَسَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمَ مَنْ لَا يَرَى الْقَوْلَ بِذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ نُزُولِ النَّازِلَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ الْجَوَابَ فِيهَا لِمَنْ يَأْتِي بَعْدُ، وَهُمْ أَكْثَرُ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ»