بعثَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بَعْثَين إلى اليمن، على أحدهما عليُّ بن أبي طالب وعلى الآخر خالدُ بن الوليد، فقال: "إذا التَقَيْتُم فعليٌّ على الناس، وإن افترقْتُما فكلُّ واحدٍ منكما على جُنده" قال: فلَقِينا بني زيد من أهل اليمن، فاقْتَتَلْنا، فظهر المسلمون على المشركين، فقتلْنا المقاتلة، وسبَيْنا الذّرّية، واصطفى عليٌّ امرأةٌ من السّبي لنفسه. قال بُريدة: فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُخْبِرُه بذلك، فلما أتيتُ النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- دفعْتُ الكتابَ، فقُرئ عليه، فرأيْتُ الغضبَ في وجه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلتُ: يا رسول اللَّه، هذا مكانُ العائذ، بَعَثتَني مع رجلٍ وأَمَرْتَنِي أن أَطيعَه، فَفَعَلْتُ ما أُرْسِلْتُ به، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَقَعْ في عليّ، فإنّه مِنّي وأنا منه، وهو وليُّكم بعدي، فإنّه منّي وأنا منه، وهو وليّكم بعدي" (?).
الطّرُق التي قبله أصحّ منه. قال أحمد بن حنبل: أَجلح قد روى غيرَ حديث منكر. وقال أبو حاتم الرازي لا يُحْتَجُّ بحديثه. وقال ابن حبّان: كان لا يدري ما يقول (?).
قلت: وفي هذه الطّرق إشكالات:
منها: أن يقول القائل: كيف يجور لعليٍّ أن يصطفيَ مما لا يُقسم، وأنْ يَطأ من غير استبراء؟ وكيف جاز لبُريدة أن يُبْغِض عليًا؟ (?).
فالجواب: أن كثيرًا من الأحاديث يُروى مبتورًا، فيقع الإشكال لذلك. وطريق عبد الجليل الذي ذكرْناه يبيّن الحال، وأنّه أُمِر عليٌّ بقبض الخُمس، وقبضَ حقَّه منه، فما تَصَّرف إلّا بعد القِسمة.
وقوله: فأصبح قد اغتسل، يحتمل أن يكون بعد الاستبراء، ويحتمل أن تكون غير