(7287) الحديث السابع الأربعون بعد المائة: حدّثنا البخاري قال: حدّثنا يحيى

ابن بُكير قال: حدّثنا الليث عن عُقيل قال: قال ابن شهاب: أخبرَني ابن الزبير أن عائشة

زوجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالت:

لم أَعْقِلْ أبَوَيَّ قَطُّ إلا وهما يَدينان الدِّينَ، ولم يَمُرَّ علينا يومٌ إلا يأتينا فيه رسول الله

- صلى الله عليه وسلم - طَرَفَي النهار بُكرةً وعَشِيّةً. فلمّا اُبْتُلِيَ المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا نحو أرض

الحبشة، حتى إذا بلغ بَرْك الغِماد لَقِيه ابن الدَّغنة، وهو سيّد القارة (?)، فقال: أين تُريدُ يا

أبا بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأريدُ أَن أَسِيحَ في الأرض فأعبدَ ربّي. قال ابن

الدَّغنة: فإنّ مثلَك يا أبا بكر لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، أنت تَكْسِبُ المعدوم، وتَصِلُ الرّحِمَ،

وتَحْمِلَ الكَلَّ (?)، وتَقْري الضَّيْفَ، وتُعين على نوائب الحقِّ. وأنا لك جارٌ، فارجعْ فاعبدْ

ربّك ببلدك. فرجعَ، وارتحل معه ابن الدّغنة، فطاف ابن الدّغنة عشيةً في أشراف قريش

فقال لهم: إن أبا بكر لا يَخرجُ مثله ولا يُخرجُ، أتُخرجون رجلًا يَكسِبُ المعدومَ، وَيصِلُ

الرَّحِمَ، ويَحْمل الكَلّ، ويقري الضيف، ويُعين على نوائب الحقّ؟ فلم تُكَذِّب قُريشٌ بجوار

ابن الدّغنة، وقالوا لابن الدّغنة: مُرْ أبا بكر فليعبُدْ ربّه في دارهِ، فَلْيُصَلِّ فيها، وليقرأْ ما

شاء، ولا يُؤذِنا بذلك ولا يستعلِنْ به، فإنّا نخشى أن يفتِنَ نساءنا وأبناءنا. فقال ذلك ابن

الدّغنة لأبي بكر.

فلَبِثَ أبو بكر بذلك، يعبدُ ربّه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره. ثم

بدا لأبي بكر فابتنى مسجدًا بفناء داره، فكان يُصلّي فيه، ويقرأُ القرآن، فيتقصَّف (?) عليه

نساءٌ المشركين وأبناؤهم، يُعْجَبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلًا بكَاءً لا يملك

عينيه إذا قرأ القرآن. فأفزعَ ذلك أشرافَ قريش من المشركين، فأرسَلوا إلى ابن الدغنة،

فقدم عليهم، فقالوا: إنا كُنّا أجَرْنا أبا بكر بجوارك، على أن يعبُدَ ربّه في داره، فقد جاوز

ذلك، فابتنى مسجدًا بفِناء داره، فأعلنَ بالصلاة والقراءة فيه، وإنا قد خَشِينا أن يفتنَ

نساءَنا وأبناءَنا، فانْهَه، فإن أحبَّ أن يقتصرَ على أن يعبُدَ ربّه في داره فعل، وإن أبي إلاّ أن

يُعلِنَ بذلك فسَلْه أن يَرُدّ إليك ذِمَّتَك، فإنَا قد كَرِهْنا أن تَخْفِرَك، ولَسْنا مُقِرِّين لأبي بكر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015