قلت: إني رسول قوم وعلى دين قوم، لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم. فضحك وقال: (إنك

لا تَهدي من أحببتَ ولكنّ الله يهدي من يشاء وهو أعلمُ بالمُهْتَدين) "يا أخا تنوخ، إنّي

كَتَبْتُ بكتابٍ إلى كسرى فمزّقه، والله مُخَرِّقُه ومُخَرِّقُ مُلْكِه، وكَتَبْتُ إلى النجاشي

بصحيفة فخرّقها، واللهُ مخرّقه ومُخرّقُ ملكه، وكَتَبْتُ إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها، فلن

يزالَ الناسُ يجدون منه بأسًا ما دام في العيش خيرٌ". قلت: هذه إحدى الثلاثة التي

أوصاني بها صاحبي. فأخذتُ سهمًا من جَعبتي وكَتَبْتُها في جلد سيفي. ثم إنه ناول

الصحيفة رجلًا عن يساره. قلت: من صاحب كتابِكم الذي يقرأُ لكم؟ قالوا: معاوية. فإذا

في كتاب صاحبي: تدعوني إلى جنة عرضُها السموات والأرض أُعِدَّتْ للمُتَّقين، فأين

النار؟ قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "سبحانَ الله، أين الليلُ إذا جاء النهار؟ " قال: فأخَذْتُ سهمًا من

جعبتي فكتَبْتُه في جلد سيفي.

فلضا أن فرغ من قراءة كتابي قال: "إنّ لك حقًّا، وإنك رسول، فلو وجدْتُ عندنا جائزة

جَوَّزْناك بها. إنا سَفْرٌ مُرمِلون" (?) قال: فناداه رجل من طائفة الناس: أنا أُجَوّزُه. ففتح رَحْلَه

فإذا هو يأتي بحُلّة صَفُّوريّة فوضعَها في حَجري، قلت: من صاحب الجائزة؟ قيل لي:

عثمان.

ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيُّكم يُنزل هذا الرجل؟ " فقال فتى من الأنصار: أنا. فقام

الأنصاري وقمتُ معه، حتى إذا خَرَجْتُ من طائفة المجلس ناداني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال:

"تعالَ يا أخا تنوخ" فأقبَلْتُ أهوي إليه حتى كنتط قائمًا بين يديه، فحلّ حَبوته عن ظهره

وقال: "ها، امضِ لما أُمرْتَ له" فجُلْتُ في ظهره فإذا أنا بخاتم في موضع غُضون الكَتِف

مثل الحَجْمة الضخمة (?).

****

طور بواسطة نورين ميديا © 2015