تسليمًا، لا يُوقِظُ نائمًا، ويُسْمعُ اليَقظان، ثم يأتي المسجدَ فيصلّي، ثم يأتي شرابَه فيشربُه. قال: فأتاني الشيطان ذات ليله فقال: محمد يأتي الأنصار فيُتْحِفونه ويُصيبُ عندهم، ما به حاجة إلى هذه الجُرعة، فاشْرَبْها. فما زال يُزَيِّنُ لي حتى شَرِبْتُها، فلمّا وَغَلَت في بطني وعرف أنّه ليس إليها سبيل نَدَّمَني، وقال: وَيْحَكَ، ما صَنَعْتَ، شَرِبْتَ شرابَ محمّد، فيجيء ولا يراه، فيدعو عليك فتهلِكُ فتذهبُ دنياك وآخرتُك. قال: وعليّ شَملة من صوف، كلّما جعلْتُها على رأسي خَرَجَتْ قدماي، فإذا أرسلْتُها على قدمي خَرَجَ رأسي، وجعلَ لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما. فجاء رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسلّم كما كان يُسَلِّم، ثم أتى المسجدَ فصلّى، وأتى شرابَه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئًا، فرفع رأسه إلى السماء، فقلت: الآن يدعو عليّ فأهلِكُ. فقال: "اللهمّ أطعِمْ من أطعَمَني، واسْقِ مَنْ سقاني". قال: فعَمَدْتُ إلى الشَّمْلة فشدَدْتُها على، وأخذْتُ الشَّفرة وانطلَقْتُ إلى الأعنُز أجُسُّهنّ، أيّتُهنّ أسمنُ فأذبح لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإذا بهنّ حُفَّلٌ كلّهُنّ، فَعَمَدْتُ إلى إناء لآل محمد ما كانوا يطعمون أن يحلبوا فيه، فحَلَبْتُ فيه حتى عَلَتْه الرّغوة، ثم جئتُ به إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أما شَرِبْتُم شرابَكم الليلة يا مقداد؟ " قال: قلت: اشرَبْ يا رسول اللَّه. فشربَ وناولَني، فقلتُ: يا رسول اللَّه، اشرَبْ، فشربَ ثم ناولَني، فأخذتُ ما بقي فشرِبتُ، فلمّا عرفتُ أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد رَوي وأصابَتني دَعوتُه ضَحِكتُ حتى أُلْقِيتُ إلى الأرض، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إحدى سَوآتِك يا مقداد" قال: قلت: يا رسول اللَّه، كان من أمري كذا، صنعت كذا. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما كانت هذه إلا رحمة من اللَّه عزّ وجلّ. ألا كُنتَ آذنْتَني نوقِظُ صاحِبَيك هذين فيُصيبان منها" قال: قلتُ: والذي بعَثك بالحقِّ، ما أُبالي إذا أصبْتُها وأصبْتُها معك من أصابَها من النّاس.

انفرد بإخراجه مسلم (?).

(6435) الحديث الثالث: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعمر بن بشر قال: حدّثنا عبد اللَّه بن المبارك قال: أخبرنا صفوان بن عمرو قال: حدّثني عبد الرحمن بن جُبير بن نفير عن أبيه قال:

جلسْنا إلى المقداد بن الأسود يومًا، فمرّ به رجل فقال: طُوبى لهاتين العينين اللتين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015