فحملت أُمُّ سُليم تلك الليلة، فتلِدُ غُلامًا، فحين أصبحْنا قال لي أبو طلحة: احْمِلْهُ في خِرْقة (?). قال: ولم يُحَنَّكْ ولم يذُقْ طعامًا ولا شيئًا. فقُلْتُ: يا رسول اللَّه، أمُّ سليم (?). قال: "اللَّه أكبر، ما ولدت؟ " قلت: غلامًا. قال: "الحمد للَّه، هاتِه إليَّ". فدفَعْتُه ليه، فحَنَّكَه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "معك تمرُ عَجوة؟ " قلت: نعم. فأخْرَجْتُ تمرًا، فأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تمرة فألقاها في فمه، فما زال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يلوكُها حتى اختلطت بريقه، ثم دفع الصبيِّ، فما هو إلَّا أن وجد الصبيُّ حلاوةَ التَّمر، فجعل يَمَصُّ حلاوة التمر وريقَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان أَوَّل ما انفتحت أمعاؤه على ريق رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه: "حُبُّ الأنصار التَّمر" فسُمّي عبد اللَّه، فخرج منه رجل كثير، واستُشهد عبد اللَّه بفارس (?).

* طريق آخر:

حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بهز قال: حدّثنا سُليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال:

مات ابن لأبي طلحة من أمّ سُليم، فقالت لأهلها: لا تُحَدِّثوا أبا طلحة بابنه حتى أكونَ أنا أحدِّثُه. فجاء فقرّبَتْ إليه عَشاءً، فأكلِ وشَرِبَ، ثم تَصَنَّعت له أحسنَ ما كانت تصَنّعُ قبل ذلك، فوقع بها، فلمّا رأت أنّه قد شبع وأصاب منها قالت: يا أبا طلحة، أما رأيتَ قومًا أعاروا عارِيَتَهم أهلَ بيت فطلبوا عارِيَتَهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا. قالت: فاحْتَسِبْ ابنَك. فانطلق حتى أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبره بما كان منها، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بارك اللَّهُ لكما في غابر ليلتكما" فحملت، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في سفر وهي معه، وكان رسول اللَّه إذا أتى المدينة من سفر لا يطرُقها طُروقًا، فدنَوا من المدينة، فضربَها المخاضُ، فاحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال أبو طلحة: إنك لتعلمُ يا ربِّ أنّه يُعجبني أن أخرجَ مع رسولك إذا خرج وأدخل معه إذا دخل، وقد احْتَبَسْتُ بما ترى. قال: تقول أمّ سلمة: ما أجدُ الذي كنتُ أجِد. فانطلقا، فَضَرَبَها المخاضُ حين قدموا، فولدت غلامًا، فقالت لي. يا أنس، لا يُرضِعْه أحد حتى تأتيَ به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015