وأما الثاني: مثل الردة والزنا والقصاص في حل الدم، ومثل الحيض والجنابة في إيجاب الغسل، ومثل المسّ والبول في نقض الوضوء.

فهذا وان حصل نزاع في كون الحكم وإن حصل واحدًا أو متعددًا، فالصواب أنها أحكام متعددة، وعلى ذلك نص الأئمة، كما قال الإمام أحمد في بعض ما ذكره: هذا مثل لحم خنزير ميّت، حرام من وجهين، فلو كان الحكم واحدًا لم يفرق بين الخنزير الميت وبين الميتة من غير الخنزير، بل أثبت فيه تحريمين.

وكذلك حلّ الدم بالأسباب المجتمعة هو حلّ متعدد، ولكن ضاق المحل، ولهذا إذا زال الواحد بقي الآخر، ولو كان الحلّ واحدًا لوجب إذا زال أحدها أن يكون قد زال بعضه، فيكون الباقي بعض حلّ، فلا يباح، لكن قد تتداخل هذه الأحكام، فتداخلها لا يمنع تعددها.

وعلى هذا، فإذا وجبت عليه حدود، فالواجب عقوبات متداخلة من جنس، وقول الفقهاء: تتداخل، كمن سرق ثم سرق، أو شرب ثم شرب، دليل على أن الثابت أحكام، لكن لاتحاد الجنس في مثل هذا تداخلت، وإلا فالشيء الواحد لا يُعقلُ فيه تداخلٌ، وإنما التداخل مع التعدد.

- الشيء الواحد لا يجتمع له سببان مستقلان

وهذا كله مما يبين أن الشيء الواحد لا يجتمع له سببان مستقلان، وكذلك الفعل الواحد والمفعول الواحد، لا يتصور أن يصدر عن فاعلين تامَّين، فالشخصان المتعاونان على حمل شيء يقوم بذات كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015