بالعين.
وإذا تعددت أشخاص النوع من العلل تعددت أشخاص الأنواع من الأحكام، وإذا كانت هناك جنس من العلل له علل مختلفة كان لها أحكام مختلفة، وإن كان جنس من الأحكام له أنواع مختلفة كان له أسباب مختلفة، ومثل هذا يجوز، فلا نزاع، لكن هذا يُعلم بالنص والإجماع.
وأما إذا وجدنا حكمًا واحدًا وهناك وصفان مناسبان له، فهل يجوز جعلهما علتين كل منهما مستقل بالحكم بدون الآخر، بدون أن نعلم ذلك بدليل غير الاستنباط؟ أو الواجب تعليق الحكم بهما جميعًا وجعلهما جزءا العلة؟ الصواب هو الثاني، وهو معنى قول من قال: يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين منصوصتين لا مستنبطتين، وهو في الحقيقة واحد النوع، أي كل منهما مستقلة بالحكم في محل آخر.
وبهذا يظهر الفرق وعدم التأثير، فإن الفرق معارضه في الأصل وفي الفرع بأن يُبدِي الفارق في الأصل وصفًا آخر غير وصف المستدل له مدخل في التعليل، أو يُبدِي في الفرع وصفًا مختصًّا به يمنع من إلحاقه بالأصل، فإذا عارض في الأصل بوصف آخر، فلو كان كل وصف مناسب يمكن جعله علةً مستقلةً لما أمكن الفرق قط، لإمكان أن يقول المستدل: وصفي علة، وهذا الوصف علة أخرى، فلا يقدح هذا في تعليل الحكم بوصفي.
وهذا باطل لا ريب فيه عند الفقهاء، إلا أن يبيق المستدل استقلال ذلك الوصف بالحكم، وذلك إنما يكون باعتبار الشارع له وحده بدليل