والشوق والمحبة، والنور والهدى مع ذلك، فتبين أن العلم لا يحصل إلا بعمل، والعمل مقارن للعلم، كما قد بينا ذلك في غير هذا الموضع، وبينَّا تلازم العلم والعمل، وذلك أنها مثل الحياة.
وأيضًا ففي النار إنارة وحرارة وأشواق، ففي التمثيل بذلك إشارة إلى أن النور والهدى في القلب، لا يحصل إلا بنوع من الحرارة التي تكون عن الحركة والشوق والمحبة، فإن الحب والشوق والطلب يوجب للقلب أعظم من حرارة النار البسيطة، هكذا يقوله الطبيعيون، وكذلك يجربه العاشقون، كما قال بعضهم: إن لم تكن نار المحبين أعظم من نار جهنم، وإلا كان كذا وكذا.
فإذا كان النور مع الحرارة المقارنة للحركة والمحبة والإرادة، دل ذلك على أن الهدى ينال بذلك، كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (?)، قال معاذ بن جبل: والبحث في العلم جهاد.
وقال تعالى: (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) (?) فعلق الهداية بالإنابة، وقال: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ) (?)، وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)) (?).