كلمات، فيقال: اكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح " (?).
فهو بعد المضغة ينفخ فيه الروح، فلو قيل: خلقه من مضغة، لكان يُظَنُّ أن الروح خلقت من مضغة، بخلاف ما إذا قيل: خُلِقَ من علق، فإنه يعلم أن المخلوق منها هو المضغة، التي يُنفخ فيها الروح.
وأيضًا فالعلق واسطة بين النطفة وبين المضغة، وأيضًا فمن يصير علقة يُخلَق فيُميَّز رأسه ويداه ورجلاه، كما قال الله تعالى في الاَية الأخرى: (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) (?)، قال من فسّر ذلك من السلف: المخلَّقة ما تمَّ خلقها، وغير المخلَّقة ما أسقطها الرحم. ليبين الله لعباده مبداً خلقهم، وأنهم خُلِقوا من هذه المضغة. ولهذا تكلم الفقهاء فيما تُلقِيه المرأة، مما يثبت به حكم النفاس، وتنقضي به العدة والاستبراء، وتصير به المرأة أم ولد، فإنه إذا كان مضغة مخلَّقة فلا ريب فيه، وأما إذا كان مضغة غير مخلَّقة أو علقة ففيه نزاع، فلما قال: خلق من علق، دلَّ بذلك على أن تخليق البدن بتصوير الأعضاء كان من نفس العلقة، وهذا أخصّ من خلقه من نطفة، فإن ذلك تقدير جملته وتصويرها قبل التفصيل.
وأيضًا فالعَلَق أول الاستحالات التي يُخلَق منها، فإنه قبل ذلك كان نطفة، والنطفة لا تتعين أن تكون مبدأ الإنسان بلا ريب. ولهذا يتنازع الفقهاء أنها لو ألقت نطفة، لم يثبت به شيء من أحكام الولد، لا