الخطاب رضي الله عنه، من ضَرْب الخراج على السَّوادِ وغيره من الأرض التي فُتِحتْ عَنْوةً، سواء قيلَ. إنه يجب في الأرض التي فُتِحتْ عَنْوةً أن تُجعَل فيئًا- كما قاله مالك وهو روايةٌ عن أحمد-؛ أو قيل: إنه يجب قِسْمتُها بين الغانمين- كما قال الشافعي، وهو رواية عن أحمد-؛ أو قيل: يُخيَّر الإمام فيها بين هذا وهذا- كما هو مذهب أبي حنيفة والثوري وأبي عبيد وغيرهم، وهو ظاهر مذهب أحمد-. فإن الشافعي يقول: إن عمر استطابَ أنفُسَ الغانمين، حتى جعلَها فيئًا وضَرَبَ الخراجَ عليها.

فاتفق المسلمون في الجملة على أن وضْعَ الخراج علىْ أرضِ العنوةِ جائز إذا لم يكن فيه ظلمٌ للغانمين. ثم الخراج عند أكثرهم أجرةُ الأرض، وإنه لم يُقدَّر مدةُ الإجارة لعموم مصلحتها، والخراج ضربه على الأرض التي فيها شجر والأرض البيضاء، وضرب على جَريبِ النَّخل مقدارًا وعلى جريب الكَرْم مقدارا، وهذا بعينه إجارةٌ للأرض مع الشجر، فإن كان جواز ذلك على وَفْىِّ القياس فهو المطلوب، وإن كان جوازُ ذلك للحاجة فالحاجةُ داعية إلى ذلك، فإن الناس لهم بساتين فيها مساكن، ولها أجور وافرةٌ، فإن دفعوها إلى من يعملها مساقاةً ومزارعةً تعطَّلتْ منفعةُ المساكن عليهم، كما في أرض دمشق ونحوها.

ثم قد يكون وقفًا أو ليتيم ونحو ذلك، فكيف يجوز تعطيلُ منفعة المساكن المبنية في الحدائق، وقد تكون منفعة المسكن هي أكثرُ المنفعةِ، ومنفعة الزرع والشجر تابعة، فيحتاجون إلى إجارة تلك المساكن، ولا يُمكِن أن تؤجر دون منفعةِ الأرض والشجر، فإن العامل إذا كان غير الساكن تضرَّرَ هذا وهذا تضرُّرًا، الساكنُ يَبقَى ممنوعًا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015