فإن قيل: ابنُ عقيل جوَّز إجارةَ الأرض والشجر جميعًا لأجل الحاجة، وسلك مسلكَ مالكٍ، لكنْ مالك اعتبرَ القلَّةَ في الشجر، وابنُ عقيل عَمَّم، فإن الحاجةَ داعية إلى إجارة الأرض التي فيها شجر، وإفراده عنها بالإجارة متعذِّرٌ أو متعسِّر لما فيه من الضرر، فجوَّز دخولَها في الإجارة، كما جوَّز الشافعي دخولَ الأرض مع الشجر تبعا في باب المساقاة. ومن حجة ابن عقيل أن غايةَ ما في ذلك جواز بيع ثمر قبلَ بدوِّ صلاحِه تبعًا لغيره لأجل الحاجة، وهذا يجوز بالنصّ والإجماع فيما إذا باعَ شجرًا وعليها ثمر بادٍ، كالنخل المؤبَّر إذا اشترط المبتاع، فإنه اشترى شجرًا وثمرا قبلَ بدوِّ صلاحِه. وما ذكرتموه يقتضي أن جواز هذا هو القياس، وأنه جائز بدون الحاجةِ حتى مع الانفراد.
قيل: هذا زيادة توكيدٍ، فإن هذه المسألة لها مأخذانِ:
أحدهما: أن يُسلَّم أن الأصل يقتضي المنعَ، لكن يجوز ذلك لأجل الحاجة، كما في نظائره.
والثاني: أن يُمنَع هذا، ويقال: لا نُسلِّم أن الأصل يقتضي المنعَ، بل نهى النبي فَيِ عن بيع الثمر حتى يبدوَ صلاحُها، فإنه إنما نهى عن بيع لا عن إجارةٍ، فنهيُه لا يتناولُ مثلَ هذه الصورة وأمثالَها من أنواع إلاجارة، لا لفظًا ولا معنى.
أما اللفظ فإن هذا لم يبعْ ثمرةً قبلَ بدوِّ صلاحِها، ولو كان قد باعَ ثمرة لكان عليه مَؤُونةُ التوفية، كما لو باعَها بعدَ بُدوِّ صلاحِها، فإن مَؤُونَةَ التوفية عليه، وهنا المستأجرُ للبستان كالمستأجر للأرض سواء