يبيعون ما لا يجوز لهم بيعُه.
(ثم قال:) ولو لم تكن التسميةُ شرطًا لكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول لهم: سواء سَمَّوا أو لم يُسَمُّوا فإنهم مسلمون، أو يقال: لعلَّ أحدَهم نسيَ التسميةَ. فلما أعرضَ عن هذا كلِّه عُلِمَ أنَّ أحدًا لا يُعذَرُ بتركِ التسمية، وإنما يُعذَرُ من لم يعلمِ حالَ المذكِّي، والفرق بينهما ظاهر جدًّا، كما أن المذكّي عليه أن لا يُذكّي إلا في الحَلْقِ واللَّبَّةِ، ومن لم يعلم حالَه له أن يأكلَ ما ذُكِّي حملا لفعلِه على الصحة والسلامة.
ثمّ إن وجوبَ تذكية المقدور عليه في الحلق واللَّبَّةِ مما يقول به عامةُ العلماء، وليس في إيجاب ذلك نصٌّ مشهورٌ صريحٌ، بل فيه آثارٌ عن بعض الصحابة، وفيه من الحديث ما ليس بمشهور. ثم إن ذلك جُعِلَ شرطًا على كل قادر، لا يَسقُط إلا بالعجز، فالتسميةُ التي دلَّ على وجوبها النصوصُ الصحيحةُ الصريحةُ أولَى بالإيجاب والاشتراطِ، فإن التذكيةَ في غير الحلقِ واللَّبَّةِ يَحصلُ بها إنهارُ الدم، لكن هو عدولٌ عن أحسنِ القِتْلَتَيْنِ، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إنَّ الله كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيء، فإذا قَتلتم فأحسِنُوا القِتلَةَ، وإذا ذَبحتم فأحسِنُوا الذِّبحةَ، ولْيُحِدَّ أحدُكم شَفْرتَه ولْيُرِحْ ذبيحتَه " (?). فإذا كان بتَركِ أولى الذِّبحتينِ تَحرُمُ الذبيحةُ، فتَركُ ذِكْرِ اسمِ الله أولى بذلك، لأنَّ هذا هو الفرق بين ذكاةِ أهلِ الإيمان وأهل الكفر، أن هؤلاء يذكرون اسمَ الله على الذكاة، وأولئك لا يذكرون اسمَ الله.