كنّا مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذي الحُلَيفة من تِهامةَ، فأصاب القومَ جِوع، فأصابوا إبلاً وغنمًا، وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أُخرياتِ القوم، فعجَّلوا وذبَحُوا ونَصَبُوا القدور، فأمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالقُدورِ فأكفِئَتْ، ثمّ قَسَمَ فَعَدَلَ عشرةً من الغنم ببعيرٍ، فنَدَّ منها بعير، فطلبوه فأعياهم، وكان في القوم خيل يسيرة، فأهوى رجلٌ منهم بسهمٍ، فحبَسَه الله، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إن لهذه البهائم أَوَابِدَ كأوًابِدِ الوحشِ، فما غلبكم فاصنعوا به هكذا". قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إنا لاَقُو العدوّ غدًا وليستْ معنا مُدًى، أفنذْبحُ بالقَصَب؟ قال: "ما أَنْهَرَ الدمَ وذُكِرَ اسمُ الله عليه فكُلُوه، ليسَ السِّنَّ والظفًر. وسأحدِّثكم عن ذلك، أما السِّنُّ فعَظْم، وأما الظفُر فمُدَى الحبشةِ".

وهذا الحديث أيضًا تلقَّا [هُ]، العلماءُ بالقبول، وقد علّق الحلّ فيه بشرطين: بإنْهار الدَّمِ وذِكْرِ اسمِ الله على المذكَّى. فكما أن إنْهارَ الدم شرط فكذلك ذِكرُ اسمٍ الله عليه، وكما أن الذكاةَ بما لا يُنْهِرُ الدمَ لا يُباحُ بحالٍ، بل قد يُعفى عما لا يمكنُ إنْهارُ دمِه، كالجنين في بطنِ أمّه، فيكون ذكاتُه ذكاةَ أمِّه التي أُنْهِرَ دَمُها، وأما ما لم يُذكَر اسمُ الله عليه فلم يُعفَ عنه.

وأيضًا فإنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد ثبتَ عنه أنه قال للجنّ: "لكم كلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسمُ الله عليه، تجدونَه أوفرَ ما يكون لحمًا، وكلُّ بَعَرَةٍ عَلَف لِدَوَابِّكم" (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015