على الصيد، لم يُرِد به مجردَ ذكرِ اسمِه عند الأكل، كما ظن ذلك بعضُ الناس.
(ثم قال:) فيقال: حديثُ عدي بن حاتم سؤالُه وجوابُ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدل على التسمية عليه على الصيد حينَ الاصطياد، وإن كانت التسمية عند الأكلِ مأمورًا بها أيضًا وجوبًا أو استحبابًا، على قولين معروفين لأصحابنا وغيرهم. لكن التسمية حينَ الاصطياد مأمورٌ بها في الآية قطعًا، كما دلىَّ عليه حديثُ عديّ، مع أن ظاهر القرآن يدل على ذلك أيضًا، وهذه من أدلة القرآن، فإن الضمير في قوله: (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ) ضميرٌ عائد على "ما" في قوله: (مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)، أي: واذكُروا اسمَ الله على ما أمسكن. وذِكرُ اسمِ الله على ما أمسكنَ هو ذِكرُه على الصيد حينَ الاصطياد، كما يقال: ذكر اسم الله على الذبيحة أي حينَ الذبح، وهو ذكر اسمه على الكلب حين الإرسال، كما في الحديث: "فإنك إنما سميتَ على كلبك ولم تُسَمِّ على غيره ". وأما إذا سمَّى على الكلبِ وأرسلَه، فعند إرسال الكلب له يكون صاحبُه بعيدًا عنه، وقد لا يراه، فلا يُؤمَر حينئذ بالتسمية. ولم يَقُلْ أحدٌ من أهل العلم أن ذِكْرَ اسمِ الله على ما أمسكن هو مخصوصٌ بهذه الحال.
وأيضًا فإنه لم يتقدَّم اسمٌ يَصلُح أن يعودَ الضمير إليه إلا "ما أمسكن "، وأما الأكلُ فلم يتقدم اسمُه، وإنما تقدم قولُه: (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ). وقد يعود الضمير إلى الاسم الذي دل عليه الفعل، كما في قوله: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ) (?)،