الوجه الخامس: أن يقال: لو أعطَى الزكاةَ للإمام، فأعطَى الإمامُ أخاه من ذلك، جاز، وكذلك لو أعطاها لمن يَقْسِمها بين المستحقين، فأعطاه أخاه، فكذلك إذا قَسَمَها هو. وسببُ ذلك أن الزكاةَ يجبُ صَرْفُها إلى الله تعالى، الذي يثيبُ صاحبَها، والفقراءُ يأخذونها من الله، لا يَستحقُّ أربابُ الأموال عليهم معاوضةً. فهو كما أعطَى الإمامُ من بيت المال، وناظرُ الوقفِ من الوقف، وإذا كان كذلك فأخْذُه من زكاةِ قريبِه وغيرِه سواءٌ، كأخذه من مالٍ يَنظُر عليه قريبُه، سواء كان سلطانيًّا أو وقفًا أو نذرًا.
يدل على ذلك أن أبا طلحةَ لما قال للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بَيْرحَاء، وإنها صدقةٌ لله أرجو بِرَّها وذُخْرَها عند الله، فضَعْها يا رسولَ الله حيثُ شئتَ، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إني أرى أن تجعلَها في الأقربين" (?). فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمرَ بجعْلِها في الأقربين بعد أن جَعَلَها لله وخَرَجَ عنها. والله سبحانَه أعلم.