مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ) (?)، فأمرهم بعد أمره لهم باتباع ملة إبراهيم أن يقولوا: آمنا بالله وما أنزل إلينا، إلى آخر الآية، ففي ذلك الإيمان بما أنزله الله، وما اوْتيَه النبيون من ربهم، والإيمان بجماعتهم من غير تفريق بينهم، وهو الَإيمان ببعض والكفر ببعض، كما قال عن الكفار حيث قالوا: (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا) (?)، وكان نصيب خالصة الأمة من ذلك أن تؤمن بجميع نصوص الكتاب والسنة، لا تُفرّق بين النصوص فتتَّبع بعضها وتترك بعضها، فبذلك يصيرون من أهل السنة، دون الذين تركوا السنن والآثار أو بعضها، أو تمسكوا ببعض آي القرآن دون بعض، من أصناف المبتدعة.

وكذلك لا يُفرّقون بين أولي الأمر من الأمة من علمائها وأمرائها، بل يُعطُون كلَّ ذي حق حقَّه، ويقبلون منه ما أمر الله بقبوله منه، ويتركونه حيث تركه الله، فيكونون أهلَ جماعةٍ لا أهلَ فُرقةٍ، وهذا فيه جمع عظيم يحتاج إلى تفصيل، وذلك أن الله أمرنا بطاعة أولي الأمر منا، وأمرنا أن نعتصم بحبل الله جميعًا ولا نتفرق، ونهانا أن نكون كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، وَبرَّأَ نبيَّه من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015