للكتاب والسنة.

ونظائرُ هذا كثيرة مما يظنه بعض الناس أن السنة خالفَتْ فيه ظاهرَ الكتاب، ولا يكون الأمر كما قاله، بل تكون السنة موافقةً لظاهرِ القرآن. والمقصود هنا ذِكرُ الجمع وذِكر القصر تبعًا.

فقوله تعالى: (أَنْ تَقْصُرُوا) (?) مطلقٌ مجملٌ قد يُراد به قَصْر العمل والأركان، وذلك لا يجوز إلا في الخوف، فإن المسافر ليس له لأجلِ سفرِه أن يقصر عملَ الصلاة كما يَقصره الخائف، وأما الخائف فيجوز له القصرُ كما قال تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ) إلى قوله تعالى: (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) (?).

فالصلاة مع الأمن صلاة مُقَامَةٌ إقامةً مطلقةً وهي التامَّة، ومع الخوف مقصور، وإذا ضربوا في الأرض وكانوا خائفين قَصَروا لأجل الخوف مع صلاةِ ركعتين، فإن كانت الركعتان لا تسمَّى في السفر قصرًا، فإنه بين حال الخوف في السفر، كما بيّن التيمم عند عدم الماء في السفر، لأن ذلك هو الذي يحتاج إلى بيانه في العادة العامة، فأما عدمُ الماء في الحضر فنادر، واحتياج المقاتل لصلاة الخوف نادر.

ودلَّ القرآن على أن مجرَّد الضرب في الأرض ليس نسخًا للقصر المذكور في القرآن، وليس في القرآن أنه لا قصرَ إلا قصر المسافر، بل قصر الخائف قصرٌ، وصلاتُه ناقصة بالكتاب والسنة والإجماع. وأما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015