إحداهما: أنه يُخيَّر بين تعجيلها بحسب الحال وبين تأخيرِها، كما أن الصحابة منهم من صلَّى في الوقت ومنهم من صلَّى بعد الوقت، لكن أولئك صَلَّوا صلاةً كاملةً، لكونهم لم يمنعوا عن ذلك.
والثاني: أنه يجب فعلُها في الوقت بحسب الحال، وأن ذلك التأخير كان منسوخًا بقوله بعد ذلك: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) (?)، فأمرهم بالمحافظة التي هي فِعلُها في الوقت. ولأنه بذلك يجمع بين الواجبين: الصلاة والجهاد بحسب حاله، وإتيانُه بالواجبين أولَى من تفويتِ أحدهما، ووقتُ الصلاة أعظمُ فروضها، ولا تَسقُط بحالٍ، ولهذا تُفعَل على أيِّ حالٍ أمكنَ في الوقت، ولا تُؤخَّر صلاةُ النهار إلى الليل، ولا صلاةُ الليل إلى النهار، لا لاشتغال مفرط ولا غير ذلك.
وأما الجمع بين الصلاتين فهو فِعل لها في وقتهما، إذ الوقتُ ينقسم إلى وقتِ اختيار ووقتِ اضطرار، ولهذا قلنا في المُحْرِم إذا خاف إن صلَّى العشاء أن يفوتَه الوقوفُ بعرفةَ، وإن بادرَ إلى إدراكِ الوقوف قبل صلاةِ الفجر فاتته العشاءُ= إنه يجمع بين الواجبين الصلاة والحج، فيُصلي بحسب حالِه ويُدرك الوقوف. وهذا القول خيرٌ من قولِ من قدَّم الصلاةَ وفوَّتَ الحج، أوَ قدَّمَ الحج وفوَّتَ الصلاةَ، إذ كلٌّ من الوقوِف والصلاة له وقتٌ لا يجوز تأخيرُه عنه. وبعد هذا القوِل قول من سَوغَّ تأخيرَ الصلاة لإدراك الحج، فهو شبيهٌ بقولِ من سَوغَّ تأخير