المراد بهذه الآيات ونحوها مجرد سجود التلاوة، لأنه تعالى وصفهم بأنهم إذا تُلِيت عليهم خَرُّوا سُجَّدًا، وأخبر أنه لا يؤمن بآياته إلا الذين إذا ذُكّروا بها خَرُّوا سُجَّدًا، وهذا يَعُمُّ الآيات التي شُرِعَ فيها سجودُ التلاوة وغيرَها، ولا يجوز حملُه على تلك الآيات فقط، لأنها قليلة يسيرةٌ من حيث آيات الله عز وجل.
وكذلك ما وَصَفَ به أهلَ العلم وكذلك ما حَضَّ عليه الناسَ بقوله: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القرآن لَا يَسْجُدُونَ) (?)، فيه من العموم والتحضيض ما لا يجوز حمله على مجرد سجود التلاوة، يُوضح ذلك أنه لما أثنى على النبيين وأهل العلم وصفَهم بالسجود والبكاء، ولمّا أخبر عما لا بُدَّ منه من الإيمان وما يُذَمُّ من تركه ذكر السجود فقط، فقال: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآَيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15)) (?)، وقال: (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القرآن لَا يَسْجُدُونَ (21)) (?). بل هذا- والله أعلم- كما شِرعَه لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (?)) إلى أن قال: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)) (?)، فأمره بالقراءة والسجود، وعلى ذلك بنيَتِ الصلوات، فاعظم أركانها القولية القراءة، وأعظم أركانها الفعلية السجود، وهما أفضل أعمال الصلاة. وقد تنازع [العلماء] أيُّما