الكتاب وقال: لِتَعلموا أنها السنة.
فمثلُ هذا الجهر إذا كان لتعليم المأمومين يَحسُنُ، ولو كان لمصلحةٍ أخرى فهو حسنٌ أيضًا، فإنه قد يكون الجهرُ أعونَ على القراءة، كما قال عمر: أُوقِظُ الوسنانَ وأُرضِي الرحمن وأَطرُد الشيطان (?). فقد يكون الجهر أبلغ في تعليمه، وقد يكون عليه في المخافتة مشقة، ومهما استجلبَ به الخشوع والبكاء من خشية الله وكان أنفع للمأمومين جاز، ولا يداوم على ذلك في أكل، وقت، كما يداوم على قراءة الفاتحة وعلى الركوع.
ومما يدلُّ على جواز الجهر بالاستفتاح وغيره أحيانًا ما في الصحيح (?) عن أنس أن رجلاً جاء إلى الصلاة وقد حَفَزَه النَّفس، فقال: الله أكبر، الحمد لله حمدًا كثيرًا طبياً مباركًا فيه مُباركًا عليه كما يُحبُّ ربُّنا ويَرضى، فلما قضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاتَه قال: "أيُّكم المتكلِّمُ بالكلمات؟ لقد رأيتُ اثْنَي عشرَ ملكًا يبتدرونَها أيُّهم يَرفعُها". فهذا مأمومٌ جهرَ بهذا الذكر بعد التكبير، وقد أثنى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليه بذلك، وهذا دليلٌ على جواز الجهر أحيانًا في المواضع التي يُخافَتُ فيها، وأن الرجل إذا ذكر الله في الصلاة بما هو من جنسها كان حسنًا وإن لم يُؤمَر به. وهذا موافقٌ لجهر عمر بالاستفتاح.