الصحيح (?) أنه صلَّى على ابنِ أُبيّ وألبسَه قميصَه وتَفَلَ في فيه واستغفرَ له، ثم قال: "وماذا يُغنِي عنه ذلك من الله؟ ".
وكذلك استغفر للذين اعتذروا إليه لما رَجَعَ من غزوة تبوك، ثم أنزلَ الله فيهم بعد ذلك ما أنزلَ، فلم ينفعهم ذلك (?).
فإذا كان استغفار الإنسان لغيره لا ينفعه إلاَّ مع الإيمان، بخلاف الأدعية المروية في هذا الحديث من العافية والرزق والهداية والرحمة، إذا أريدَ بها رحمة الدنيا أو الرحمة من الدين تصيب الكافر، وأما إذا أريد بها أنه لا يُعذَّبُ أو يَدخُلُ الجنة فهذا لا يصلح. بل استغفار الإنسان أهمُّ من جميع الأدعية لوجهين:
أحدهما: أن استغفاره لنفسه يُغفَر له به جميعُ الذنوب إذا كان على وجه التوبة، حتى إنّ الكفّار إذا استغفروا لأنفسهم نفعَهم ذلك، وكان سببَ نجاتِهم من عذاب الدنيا. وعذابُ الآخرة إنما يُنجي منه الاستغفار مع الإيمان. وهذا أيضًا من خصائص التوحيد، فإن اَلمكلَّفَ لا ينفعُه توحيدُ غيرِه عنه، ولا يُنجِيه ذلك من عذاب الله عز وجل، بل لا يُنجيه إلاّ توحيدُ نفسِه، ولا ينفعُه مع عدمِ التوحيد الاستغفارُ عنه، بل لاَ ينفعُه إلا استغفارُه الذي تضمن توحيدَه وتوبتَه من الشرك. فصارَ الاستغفارُ مقرونًا بالتوحيد من بدايةٍ، لا تُقبَل النيابةُ فيه ولا يُهدَى إلى الغير إلاّ إذا أتى هو به، فإذا كان هو من أهل ذلك نفعَه حينئذٍ ما يريدُه