وفي الصحيحين (?) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "يُوشِك أن يكون خيرَ مالِ المسلم غنمٌ يَتبعُ بها شَعَفَ الجبالِ ومَواقع القَطْرِ، يَفِرُّ بدِينه من الفِتن ". وفي الصحيح (?) عن أسامة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إني لأرى الفتنةَ تَقَعُ خِلالَ بيوتكم كمواقع القَطْرِ". والأحاديث عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كثيرة في إخبارِه بما سيكون في الفتنة بين أمتِه، وأمرِه بتركِ القتال في الفتنة، وأن الإمساك عن الدخول فيها خيرٌ من القتال.
وقد ثبتَ عنه في الصحيح (?) أنه قال: "سألتُ ربّي لأمتي ثلاثًا، فأعطاني اثنين ومَنَعَني واحدًا، سالتُه أن لا يُسَلِّطَ عليهم عدوًّا من غيرهم، فأعطانيها، وسالتُه أن لا يُهلِكَهم بسَنَةٍ عامَّةٍ، فأعطانيها، وسألتُه أن لا يَجعلَ بأسَهم بينهم، فَمَنَعَنِيْها".
وكان هذا من دلائل نبوته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفضائل هذه الأمة، إذ كانت النشأة الإنسانية لا بدَّ فيها من تفرُّقٍ واختلافٍ وسَفْكٍ دماء، كما قالت الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) (?). ولما كانت هذه الأمة أفضل الأمم وآخر الأمم عَصَمَها الله أن تجتمعَ على ضلالةٍ، وأن يُسلَّط عدوٌّ عليها كلِّها كما سُلطَ على بني إسرائيل، بل إن غُلِبَ