حاله في أعمال لم يؤمر بها، ولم تُسمَح له، مثل كلام المكاء والتصدية التي تحرك حبه أو حزنه أو خوفه أو رحمته أو رجاءه، ومثل الشدة في عقوبة (?) الفساق حتى يدعو عليهم، أو يعاقبهم بقوة عظيمة لله، من غير أمر منه بذلك، ومثل فرط الرحمة لهم حتى يشفع فيمن يحب الله، ويرضى عقوبته والانتقام له، أو تركه، بترك عقوبته، ولهذا يقول الله تعالى: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا) (?)، (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا) (?)، وقال تعالى: (وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر) (?)، ومنهم من يَحمِلُه حبُّ أقاربه حتى يدعو لهم بدعوة لم يؤمر بها، وغير ذلك.

وهذا كثير في أرباب الأحوال المتأخرين من هذه الأمة، وهم في هذه الأمور خارجون عن سنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسنة خلفائه الراشدين، بمنزلة خروج من خرجَ من ولاة الأمور في السياسات الظاهرة عن طريقة الخلفاء إلى نوع من الملك في العقوبات وفي الولايات وفي الأعطية، فإن تصرف هذا وهذا ببُغضِه للحرمات من جنس واحد، لكن هذا بباطنه وهذا بظاهره، وكذلك عطاء هذا وهذا برحمته للعباد من جنس واحد، ثم كل منهما قد يكون مقصوده الرئاسة إما الباطنة وإما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015