يتوقف حبه على وجودِ شرط وانتفاء موانع غير محبة الله تعالى، مثل اقتضاء النارِ الإحراقَ والماءِ الإغراقَ، والطعام والشراب للشِّبَع والرّيِّ، والشعاع للتسخين، والأعمال الصالحة للثواب، والأعمال السيئة للعقاب، ونحو ذلك. فكلّ هذه الأمور قد يتخلَّفُ مقتضاها لفواتِ شرط أو وجود مانع. وكذلك في الغائيات، فإن جعلتَ العلةَ مجموعَ الأمور التي يجبُ عندها الحكمُ فهي العلةُ التامة، وإن جعلتَها الأمرَ المقتضيَ للحكم لولا المُعارضُ المقاوِمُ فهي العلة المقتضية الناقصة.
وبهذا التقسيم يُعرف اختلافُ العلماء من أصحابنا وغيرهم في العلة هل يجوز تخصيصها، فإن عنِي بالعلةِ التامَّةُ فتلك لا تَقبلُ التخصيصَ، وإن عُنِي بها المقتضيةُ فإنها تقبل التخصيص. وهذا عامٌّ في العلل الكونية والدينية، الطبعية والشرعية، العقلية والسمعية.
فإن قلت: فإن كثيرًا من أصحابنا وغيرهم يقولون: العلة العقلية تُوجِبُ معلولَها، لا يتخلف عنها، ولا يقف على شرط، ولا لها مانع، بخلاف العلة الشرعية.
قلتُ لك: هؤلاء مرادُهم بالعلة الصفاتُ التي تُوجب الأحوالَ، مثل أن العلم علةُ كونِ العالم عالمًا، والحركة علةُ كَونِ المتحرك متحركًا، مبنية على ثبوت الأحوال في الخارج معاني غير الصفات. فمن أثبت الأحوالَ من متكلمة المعتزلة ومتكلمة الصفاتية من أصحابنا وغيرهم فإنه يفرّق بين العلم والعالمية والقدرة والقادرية، ويجعل الصفاتِ توجب الأحوال. ومن نفى الأحوال فإن عنده العلم نفس كون