القديم الواجب بنفسه، الذي هو فاعل للممكنات والمحدثات وربُّها وخالقها. إذ الوجود فيه أشياء مُحدَثة، ولا بد لها من مُحدِث، وفيه حركات موجودة، ولا بد لها من غاية، فإن الحركات إما إرادية وإما طبعية وإما قَسْرية، لأنها إن كان المتحرك شاعرًا فهي الإرادية، وإن لم يكن شاعرًا، فإن كانت بلا شعور على خلاف طبعها فهي القسرية، كحركة الحجر إلى فوق، وإلا فهي الطبعية، كحركته إلى أسفل، لكن القسرية تابعة للقاسر. وأما الطبعية فلا تكون إلا إذا خرج المطبوع عن مركزه ومستقره، كخروج التراب والحجارة عن مركزها إلى فوق، وكذلك الماء. فبطلت بطبعها أن تعود إلى مركزها ومستقرها، فلو لم تُحرَّك أولاً عنه لما خرجت، فتبين أن الطبعية والقسرية تابعتان، فعُلِمَ أن كل حركة في العالم عن إرادة، وتلك حركات الملائكة الذين أخبر الله عنهم في كتابه عما يدبرونه بإذنه وأمره من أمر السموات والأرض، كما قال تعالى: (وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (?) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (?) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (3) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (4)) (?)، فأقسم بالمخلوقات طبقًا بعد طبق، بالرياح ثم بالسحاب ثم بالنجوم وأفلاكها، ثم بالملائكة المقسمات أمرًا. وكذلك قوله: (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (?) وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا (?) وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا (3) فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا (4) فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا (5)) (?).
ونصوص الكتاب والسنة في ذلك أكثر من أن يمكن ذكرها هنا، فإذا كانت جميع الحركات هي عن إرادات، ولا بد للمريد من غاية هي