أنه هل يمكن أن يكون الله سبحانه هو المقصود المراد بالقصد الأول، بحيث يُراد لذاته فيُحَبُّ لذاته؟ فذهب طوائف كثيرون من أصناف المتفقهة والمتكلمة وغيرهم إلى امتناع ذلك، وأنكروا أن يكون الله محبوبًا لذاته، وهذا هو المشهور من قول المعتزلة ومن اتبعهم من المتكلمة والجهمية والفقهاء وغيرهم، ولم يجعلوا المقصود بالقصد الأول- وهو الغاية التي يطلبها العباد- إلا ما يحصل من تنعمهم بالأكل والشرب واللباس ونحو ذلك، مما وُعِدُوا به في الجنة، وجعلوا جميع ما أمروا به من العبادات والطاعات تكاليفَ إنما تُفعَلُ لتحصيل هذه الغاية المطلوبة.
وهؤلاء ينكرون أن يتنعم في الدنيا بعبادته وفي الاَخرة بالنظر إليه، بل قد ينكرون أن يتنعم بذكره ورحمته، اللهم إلا من جهة لذة جنس العلم الذي لا يمكن أن ينكرها من وجدها.
وقد وافقهم على إنكار حقيقة المحبة لله وتوابعها طوائف من أصحاب الأئمة الأربعة. وأول من أنكر حقيقة المحبة لله الجعد بن درهم، الذي ضَحَّى به خالد بن عبد الله القَسْري بواسط في خطبة يوم الأضحى، وقال: "أيها الناس ضَحُّوا تقبَّلَ الله ضحاياكم، فإني مُضَح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليمًا". ثم نزل من المنبر فذبحه (?).
فإنكار حقيقة الخُلَّة هو إنكار حقيقة المحبة. وهؤلاء ينكرون أن