إلى الله ورسوله، والثاني: ما كان لغير ذلك، مثل السفر (?) للنكاح.
وقوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" يُوجب أنه ليس للعامل من العمل إلا ما نواه، وهو المقصود المراد بالعملَ. وهذا الحديث عام لا يجوز تخصيصه بالأعمال الشرعية كما جعله بعض الفقهاء، وهو كلام تام لا يحتاج إلى إضمار قَبول الأعمال أو غير ذلك، كما يُضمِره بعضُ الفقهاء، وإنما حَمَلَهم على ذلك توهُّمُهم أن النية المراد بها النيةُ المقبولةُ، أو الصحيحةُ المأمور بها، فزادوا في لفظ الحديث ما لم يُذكَر، ونَقَصُوا من معناه ما أريد. والحديث من جوامع الكلم، ومن أمهات الدين، والأصل في الكلام عدم الإضمار وعدم التخصيص.
ثمَّ إنّ هذا (?) ممتنع، لأنه قال في تمام الحديث: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها"، فقد جمعَ في العمل الذي هو الهجرة بين الثنتين: المقبولة والمردودة، والمحمودة والمذمومة، والصحيحة والفاسدة، وقوله: "وإنما لكل امرئ ما نوى" يَعُمُّ من نوى المقصود المحمود، وهو من أراد الله ورسوله، ومن نَوَى غير ذلك، وهو المرأة والمال، فكيف يجوز أن يقال مع ذلك: إنه أراد قبولَ الأعمال وصحتَها بالنيات، أو صحة الأعمال الدينية؟
ثم ما أضمروه يَرِدُ عليه نوعٌ من الفساد ليس هذا موضعه.