«إذا أنا متّ فأحرقوني واسحقوني واذروني في اليَمِّ، فوالله لئن قَدَر الله عليَّ ليعذّبَنّي عذابًا لا يعذّبه أحدًا من العالمين». فهذا مؤمنٌ ظنّ أنّ الله لا يقدِر على إعادته، وأنه لا يعيده إذا فعل ذلك، وقد غفر الله له هذا الخطأ بخشيته منه وإيمانه.
وقد أنكر كثيرٌ من السلف أشياء خالفوا بها السنة، ولم يكفرهم أحدٌ من أئمة الدين، فقد كان غير واحدٍ يكذِّب بأحاديث ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويغلِّط رواتها؛ لما ظنه معارضًا لها من ظاهر القرآن، أو أنكر خبرًا كما أنكرت عائشةُ عدة أخبار، وأبو بكر وعمر وعليّ وزيد وغيرهم بعض الأخبار، وأنكر غير واحدٍ بعض الآيات التي لم يعلم أنها من القرآن، وهؤلاء من سادات المسلمين، وخيار أهل الجنة وأفضل هذه الأمة، وقد اختلفوا اختلافًا آل بهم إلى الاقتتال بالسيف والتلاعن باللسان، ومع هذا فالطائفتان من أهل العلم والإيمان، مبرؤون عند أهل السنة من الكفر والفسوق.
وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث في الخوارج من وجوهٍ كثيرة، قال أحمد بن حنبل: صحَّ فيهم الحديث من عشرة أوجه.