ومنهم من يأتي بالمأمور دون المحظور.
وهذه الأقسام تعرض للإنسان الواحد بحسب أحواله، بل تعرض له في اليوم الواحد فيأتي بالأنواع الأربعة.
فأما الذي يأتي بطاعة الله دون معصيته، أو يأتي بمعصيته دون طاعته؛ فحكمهما ظاهر، وإن كان في بعض أنواعهما وأعيانهما تنازُعٌ واشتباه. لكن الجامع بين الطاعة والمعصية والتارك لهما كثيرًا ما يضطرب الناس في أمرهما. والتحقيق: أنه يوزَن ثواب طاعة الله هنا مع عقاب معصيته.
وأما التارك لهما فننظر فيما تركه من طاعة، هل كان واجبًا يستحق على تركه عقابًا؟ [و] فيما تركه من المعصية، هل قصد تركه على وجهٍ يكون فيه ثواب؟ فإن كان كذلك له ثواب وعقاب كالأول. وإن لم يكن المتروك من الطاعة واجبًا ولا المتروك من المعصية بقَصْد يُثاب عليه، فهما لا له ولا عليه. فإن رجحت حسناتُ الأولين فهما خيرٌ منه، وإن رجحت سيئاته فهو خير منهما.