القرب، فإن كان الأول، لم يكن حَمْله على ظاهره ممتنعًا، ولم يكن صَرْفه واجبًا. وإن كان ظاهره لا يدلّ على قربه بنفسه، لم يكن أيضًا محتاجًا إلى الصرف عن الظاهر الذي يسمونه: التأويل، فلا يَرِد عليهم نقض على التقديرين.
فيقال: هذا الحديث إن كان ظاهره قُرْب الرّب بنفسه، فذاك ممكن، فإن لم يكن هذا ظاهره، فلا حاجة إلى صرفه عن ظاهره.
ثم كثير منهم يقولون: ليس ظاهره القرب بنفسه، وإنما هو مَثَلٌ ضربه؛ لأن جزاءه أعظم من عمل العبد. وأخرج ذلك على وجه المقابلة فقال: «من تقرَّب إليّ شبرًا تقرّبت إليه ذراعًا» والذراعُ ضِعْف الشّبْر. «ومن تقرب إليَّ ذراعًا تقرَّبت إليه باعًا» والباع ضعف الذراع. «ومن أتاني يمشي أتيته هرولة» والهرولة ضعف المشي.
قالوا: ومعلومٌ أنَّ إتيان العبدِ ربَّه وتقرّبه إليه لا يحتاج إلى مشيه، فقد يكون بإيمانٍ وعِلْم. وهذا قول كثير ممن يفرّ عن هذا الحديث، ويقول: هذا الحديث معناه ظاهر ليس من أحاديث الصفات.
ومنهم من يخالف هؤلاء*.