فمن الناس من جمع بينهما فقال: عائشة أنكرت رؤية العين، وابن عباس أثبت رؤية الفؤاد. والألفاظ الثابتة عن ابن عباس هي مُطْلقة أو مقيَّدة بالفؤاد، تارة يقول: رأى محمد ربَّه، وتارة يقول: رأى محمد. ولم يثبت عن ابن عباس لفظ صريح بأنه رآه بعينه.
وكذلك الإمام أحمد تارة يطلق الرؤية، وتارة يقول: رآه بفؤاده، ولم يقل أحدٌ إنه سمع أحمد يقول: رآه بعينه، لكن طائفة من أصحابه سمعوا بعضَ كلامه المطلق ففهموا منه رؤية العين، كما سمع بعضُ الناس مطلق كلام ابن عباس ففهم منه رؤية العين.
وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة، ولا في الكتاب والسنة ما يدلُّ على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدلُّ، كما في «صحيح مسلم» عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيتَ ربَّك؟ فقال: «نورٌ أنَّى أراه».
وقد قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الإسراء: 1]. ولو كان قد أراه نفسَه بعينِه لكان ذِكْر ذلك أولى.