أصابهم نصر ورزق يقولوا: هذا من عند الله، وإن أصابتهم محنة تنقص في الرزق أو تخوّف من العدوّ قالوا: هذه من عندك يا محمد بشؤمِ الذي جئتَ به، فإنّك أمرتنا بمعاداة الناس وغير ذلك مما يوجب الضرر؛ فقال الله تعالى: {فَمَا لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} أي: لا يفقهون القرآن الذي أُرسلتَ به، وما فيه من الخير والهدى والشفاء والبيان، وأنه لا شرَّ فيه.
ثم قال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} أي: من نصر ورزق ونحو ذلك {فَمِنَ اللَّهِ} نعمةً أنعم بها عليك. {وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ} من خوفٍ ونقص رزقٍ واستيلاء عدوٍّ {فَمِنْ نَفْسِكَ} أي: بذنبك، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]. وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]. وقال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [الأنفال: 33] ونحو ذلك.
فالمراد بالسيئات والحسنات هنا: النِّعَم والمصائب، كما قال