العربي والتلمساني وابن سبعين ونحوهم، وأُحْضر كتاب «فصوص الحكم» لابن العربي، وقُرِئ منه فصول متعددة، وقُرِئ أيضًا بعض ما كُتِب من بيان حقيقة أمرهم، وكشف سرّ مذهبهم.
وظهر للجماعة حقيقة أمره، وأن حقيقة مذهبه: أنّ وجود الكائنات -حتى وجود الكلاب والخنازير، والأنتان والعَذِرات، والكفار والشياطين- هي عين وجود الحق، وأنَّ أعيان الكائنات ثابتة في القِدم، لم يخلقها الله ولم يُبدعها، بل ظهر وجوده فيها، ولا يمكن أن يظهر وجوده إلا فيها، فهي غذاؤه بالأحكام، وهو غذاؤها بالوجود، وهو يعبدها وهي تعبده.
وأن عين الخالق هو عين المخلوق، وعين الحق المُنزَّه هو عين الخلق المُشبَّه، وأن الناكح هو المنكوح، والشاتم هو المشتوم، وأن عُبَّاد الأصنام ما عبدوا إلا الله، ولا يمكن أن يُعبد إلا الله.
وأن قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] أي: حَكَم وقدَّر، وما حكم الله بشيء إلا وقع، فما عُبِد غير الله في كلّ معبود، وأن عُبَّاد الأصنام وقع تقصيرهم من حيث عبدوا بعض المجالي الإلهية، ولو عبدوا كلَّ شيءٍ لكانوا عارفين كاملين، وأن العارف الكامل يعلم ما عَبَد وفي أيِّ صورة ظهر حتى عُبِد، وأن نوحًا -عليه السلام- أثنى على قومه بلسان الذمّ، وأن أعيان المخلوقات هي نفس الخالق.